فلا يجدون حيلة في إثبات ما ادّعوه مع ما شرحناه .
فصل
فصل ثم يقال لهم : ينبغي أن تنتبهوا من رقدتكم ، وتعلموا أنّ اللَّه تعالى ، لو أراد منع المخلَّفين من اتّباع النبي صلَّى اللَّه عليه وآله في جميع غزواته على ما ظننتموه - لما خصّ ذلك بوقت معيّن دون ما سواه ، ولكان الحظر له واردا على الإطلاق ، وبما يوجب عمومه في كلّ حال ، ولمّا لم يكن الأمر كذلك ، بل كان مختصّا بزمان الغنائم التي تضمّن البشارة فيها القرآن ، وبوصف مسألتهم له بالاتّباع ، دون حال الامتناع منه ، أو الإعراض عن السؤال ، دلّ على بطلان ما توهّمتموه ، ووضّح لكم بذلك الصواب .فصل آخر
فصل آخر وقد ظنّ بعض أهل الخلاف بجهله وقلَّة [1] علمه ، أنّ هؤلاء المخلَّفين من الأعراب هم الطائفة الذين تخلَّفوا عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله في غزوة تبوك ، وكانت مظاهرة له بالنفاق ، فتعلَّق فيما ادّعاه من حظر النبي صلَّى اللَّه عليه وآله عليهم الاتّباع له على كلّ حال ، بقوله جلّ اسمه في سورة التوبة : فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّه إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً ولَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ [2] .فقال : هذا هو المراد بقوله في سورة الفتح : * ( كَذلِكُمْ قالَ اللَّه مِنْ قَبْلُ ) * ، وإذا كان قد منعه من إخراجهم معه أبدا ، ثبت أنّ الداعي لهم إلى قتال القوم الذين وصفهم بالبأس الشديد هو غيره ، وذلك مصحّح عند نفسه ما ادّعاه من وجوب طاعة أبي بكر وعمر وعثمان على ما قدّمنا القول فيه وبينّاه آنفا .
فيقال له : أيّها الغافل الغبيّ الناقص ، أين يذهب بك ، وهذه الآية وما قبلها من قوله تعالى :