الوحي وصورة الكلام
الوحي وصورة الكلام المسألة السادسة والعشرون : وسأل فقال : خبّرنى عن قول اللَّه تعالى : * ( وما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَه اللَّه إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ) * .فالوحي قد عرفناه ، فما الحجاب ؟ وهل يقع الحجاب إلَّا على محدود وكيف صورة الكلام ؟
والجواب : أنّ الوحي الذي عناه اللَّه تعالى في هذه الآية ما سمعه الرسول بغير واسطة ، والمسموع من وراء الحجاب هو الكلام الذي تؤدّيه الوسائط إلى الرسل والبشر من غيرهم .
وليس الحجاب المعنى في هذه الآية هو الشيء الذي يستر المتكلَّم عمّن كلَّمه ويحول بينه وبين مشاهدته ، كما ظنه السائل ، لكنّه ما وصفناه من الرسل .
والوسائط بين الخلق وبين اللَّه تعالى ، فشبّههم بالحجاب الذي يكون بين الإنسان وبين غيره عند الكلام فيسمعه من ورائه ولا يرى المتكلم من أجله ، والعرب تستعير للتشبيه والتمثيل ولا تضع ذلك موضع الحقائق ، إذ لو وضعته موضع الحقيقة لم تكن مستعيرة للأمثال . وقد قال اللَّه عزّ اسمه : وتِلْكَ الأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ [1] .
فصل
فصل وأمّا قوله : كيف صورة الكلام ؟ فالكلام أيضا ممّا لا صورة له ، لأنّه عرض لا يحتمل التأليف ، والصورة هي ذات التأليف ، غير أنّا نراه .أراد بالصورة ، الحقيقة ، فحقيقة الكلام عندنا الأصوات المقطَّعة ضربا من التقطيع