والثواب والتبعيد لهم عن ذلك : * ( ولَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) * ، يعني العاقبة وهو خلودهم في العقاب . وهذا يبطل الشبهة في أنّ الحسين عليه السّلام لم يتوجّه إليه الوعد بالنصر ، لأنّه قتل وقتل معه بنوه وأهل بيته ، وأسر الباقون منهم ، إذ النصر المعنيّ ما ذكرناه .
وليس في قتل الرّسل في الدنيا وظفر أعدائهم في الأولى ، وإن كانوا هم الأعلون عليهم بالحجّة ، والغالبون لهم بالبرهان والدلالة ، ويوم القيامة ينتصر اللَّه لهم منهم بالنعمة الدائمة حسبما بيّنّاه .
وقد قالت الإمامية : إنّ اللَّه تعالى ينجز الوعد بالنصر للأولياء قبل الآخرة عند قيام القائم ، والكرّة التي وعد بها المؤمنين ، وهذا لا يمنع من تمام الظلم عليهم حينا مع النصر لهم في العاقبة حسبما ذكرناه .
فصل فأمّا قوله : " إنّ اللَّه غضب لناقة فأهلك الأرض ومن عليها " ، فالغضب من اللَّه تعالى لم يكن للناقة ، وإنّما كان لمعصية القوم له [ الصالح ] فيها ، وجرأتهم على خلافه فيما أمرهم به في معناها ، وقد عقرت على كلّ حال ، ونصر اللَّه تعالى نبيّه صالحا عليه السّلام بالحجّة عليهم ، لأنّه كان أخبرهم بتعجيل النقمة منه على عقر الناقة ، ولو كان النبي صلَّى اللَّه عليه وآله أخبر بذلك لعجّل لقاتليه العذاب ، ولما أخّر عنهم إلى يوم المآب .
ولو علم اللَّه تعالى أنّ تعجيل العذاب لقاتل الحسين عليه السّلام من اللطف في الدين مثل اللطف الذي كان في تعجيل العذاب لعاقري الناقة ، لعجّله كتعجيل ذلك ، لكنّه تعالى علم اختلاف الحالين في الخلق ، وتباين الفريقين في اللطف . فدبّر الجميع بحسب ما تقتضيه الحكمة من التدبير .
وهذه أسئلة شديدة الضعف ، وشبهات ظاهرة الوهن والاضمحلال . واللَّه نسأل التوفيق في كلّ حال [1] .