قال : فيقال له : ما كان أغفل أبا الحسين وأعظم قدرته ، أترى أنّ الراجئة إذا قالت : أنّ النبي صلَّى اللَّه عليه وآله يشفع فيشفّع فيمن يستحقّ العقاب ، قالوا : إنّه هو الذي ينقذ من في النار ، أم يقولون : أنّ اللَّه سبحانه هو الذي أنقذه بتفضّله ورحمته ، وجعل ذلك إكراما لنبيّه صلَّى اللَّه عليه وآله ، فأين وجه الحجّة فيما تلاه .
أو ما علم أنّ من مذهب خصومه القول بالوقف في الاخبار ، وأنّهم لا يقطعون بالظاهر على العموم والاستيعاب ، فلو كان القول يتضمّن نفي خروج أحد من النار ، لما كان ذلك ظاهرا ولا مقطوعا به عند القوم ، وكيف ونفس الكلام يدلّ على الخصوص دون العموم بقوله : * ( أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْه كَلِمَةُ الْعَذابِ ) * .
وإنّما يعلم من المراد بذلك بدليل دون نفسه ، وقد حصل الإجماع على أنّه توجّه إلى الكفّار ، وليس أحد من أهل القبلة يدين بجواز الشفاعة للكفّار ، فيكون ما تعلَّق به الخيّاط حجّة عليه .
ثم قال أبو القاسم : وكان أبو الحسين يعنى الخيّاط يتلو في ذلك أيضا قوله عزّ وجلّ : تَاللَّه إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ وما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ ولا صَدِيقٍ حَمِيمٍ [1] .
قال الشيخ أدام اللَّه عزّه فيقال لهم : ما رأيت أعجب منكم يا معاشر المعتزلة تتكلَّمون فيما قد شارككم الناس فيه من " العدل والتوحيد " أحسن كلام ، حتى إذا صرتم إلى الكلام في الإمامة والإرجاء ، صرتم فيهما عامة حشوية تخبطون خبط عشواء ، لا تدرون ما تأتون وما تذرون .
ولكن العجب من ذلك وأنتم إنّما جودتم فيما عاونكم عليه غيركم ، واستفدتموه من سواكم ، وقصرتم فيما تفرّدتم به ، لا سيّما في نصرة الباطل الذي لا يقدر على نصرته في الحقيقة قادر ، ولكن العجب منكم في ادّعائكم الفضيلة والبينونة بها من سائر الناس .
ولو واللَّه حكى هذا الاستدلال مخالف لكم لارتبنا بحكايته ، ولكن لا ريب وشيوخكم يحكونه عن مشايخهم ، لا يقنعون حتى يوردوه على سبيل التبجّح [2] به