responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرآن المجيد نویسنده : الشيخ المفيد    جلد : 1  صفحه : 432


بإشفاق الوالد على الولد ورأفته به ورحمته له ، وأنّ هذا الفعل لا يكاد يقع من الوالد بولده ، بل لم يقع فيما سلف ولم يتوهّم فيما يستقبل ، وكان هذا أمرا يقوى في ظنّ إسماعيل أنّ المقال مع أبيه خرج مخرج الامتحان له في الطاعة ، دون تحقق العزم على إيقاع الفعل ، فيزول كثير من الخوف معه وترجى السلامة عنده .
وأمير المؤمنين عليه السّلام دعاه أبو طالب رحمه اللَّه إلى المبيت على فراش النبي صلَّى اللَّه عليه وآله ، وفدائه بنفسه .
وليس له من الطاعة عليه ما للأنبياء عليهم السّلام على البشر ، ولم يأمره بذلك عن وحي من اللَّه تعالى ، كما أمر إبراهيم عليه السّلام ابنه ، وأسند أمره إلى الوحي .
ومع علم أمير المؤمنين عليه السّلام ، أنّ قريشا أغلظ الناس على رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله ، وأقساهم قلبا ، وما يعرفه كل عاقل من الفرق بين الاستسلام للعدوّ المناصب ، والمبغض المعاند ، الذي يريد أن يشفى نفسه ، ولا يبلغ الغاية في شفائها ، إلَّا بنهاية التنكيل وغاية الأذى بضروب الآلام ، وبين الاستسلام للوّلي المحبّ ، والوالد المشفق ، الذي يغلب في الظنّ أنّ إشفاقه يحول بينه وبين إيقاع الضرر بولده . إمّا مع طاعة اللَّه تعالى بالمسألة والمراجعة ، أو بارتكاب المعصية ممّن يجوز عليه ارتكاب المعاصي ، أو بحمل ذلك منه على ما قدّمناه من الاختبار والتورية في الكلام ، ليصحّ له مطلوبه من الامتحان .
وإذا كانت محنة أمير المؤمنين عليه السّلام أعظم من محنة إسماعيل عليه السّلام بما كشفناه ، ثبت أنّ الفضل الذي حصل به لأمير المؤمنين عليه السّلام يرجّح على كلّ فضيلة حصلت لأحد من الصحابة وأهل البيت عليهم السّلام ، وبطل قول من رام المفاضلة بينه وبين أبي بكر من العامة والمعتزلة الناصبة له عليه السّلام ، إذ قد حصل له عليه السّلام فضل يزيد على الفضل الحاصل للأنبياء .
فصل ولعلّ قائلا يقول عند سماع هذا : كيف يسوغ لكم ما ادّعيتموه في هذه المحنة وتعظيمها على محنة إسماعيل عليه السّلام وذلك نبيّ وهذا عندكم وصي نبيّ ، وليس يجوز أن يكون من ليس بنبيّ أفضل من أحد من الأنبياء عليهم السّلام ؟
فإنّه يقال لهم : ليس في تفضيلنا هذه المحنة على محنة إسماعيل عليه السّلام تفضيل لأمير المؤمنين عليه السّلام على أحد الأنبياء عليهم السّلام ، وذلك أنّ عليا عليه السّلام وإن حصل له فضل لم يحزه نبيّ

نام کتاب : تفسير القرآن المجيد نویسنده : الشيخ المفيد    جلد : 1  صفحه : 432
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست