القول في ناسخ القرآن ومنسوخه أقول : إنّ في القرآن ناسخا ومنسوخا ، كما أنّ فيه محكما ومتشابها ، بحسب ما علَّمه اللَّه من مصالح العباد ، قال اللَّه عزّ اسمه : * ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ) * .
والنسخ عندي في القرآن إنّما هو نسخ متضمّنة من الأحكام ، وليس هو رفع أعيان المنزل منه ، كما ذهب إليه كثير من أهل الخلاف ، ومن المنسوخ في القرآن قوله تعالى :
والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ويَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ [1] . وكانت العدّة بالوفاة بحكم هذه الآية حولا ثم نسخها قوله تعالى : والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ويَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْراً [2] . واستقرّ هذا الحكم باستقرار شريعة الإسلام ، وكان الحكم الأوّل منسوخا ، والآية به ثابتة غير منسوخة ، وهي قائمة في التلاوة كناسخها بلا اختلاف ، وهذا مذهب الشيعة وجماعة من أصحاب الحديث وأكثر المحكّمة والزيدية ، ويخالف فيه المعتزلة وجماعة من المجبّرة ، ويزعمون أنّ النسخ قد وقع في أعيان الآي ، كما وقع في الأحكام ، وقد خالف الجماعة شذاذ انتموا إلى الاعتزال وأنكروا نسخ ما في القرآن على كلّ حال [3] . وحكي عن قوم منهم أنّهم نفوا النسخ في شريعة الإسلام على العموم ، وأنكروا أن يكون اللَّه