أحدهما : أنّ اللَّه تعالى نهاه عن التسرّع إلى تأويل القرآن قبل الوحي إليه به ، وإن كان في الإمكان من جهة اللغة ما قالوه على مذهب أهل اللسان [1] .
والوجه الآخر : أنّ جبرائيل كان يوحي إليه بالقرآن ، فيتلوه معه حرفا بحرف ، فأمره اللَّه تعالى أن لا يفعل ذلك ، ويصغي إلى ما يأتيه به جبرائيل ، أو ينزله اللَّه تعالى عليه بغير واسطة حتى يحصل الفراغ منه ، فإذا تمّ الوحي به تلاه ونطق به وقرأه .
فأمّا ما ذكره المعوّل على الحديث من التأويل فبعيد ، لأنّه لا وجه لنهي اللَّه تعالى له عن العجلة بالقرآن الذي هو في السماء الرابعة حتى يقضي إليه وحيه ، لأنّه لم يكن محيطا علما بما في السماء الرابعة قبل الوحي به إليه ، فلا معنى لنهيه عمّا ليس في إمكانه ، اللَّهم إلَّا أن يقول قائل ذلك ، إنّه كان محيطا علما بالقرآن المودع في السماء الرابعة ، فينتقض كلامه ومذهبه أنّه كان في السماء الرابعة ، لأنّ ما في صدر رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله وحفظه في الأرض ، فلا معنى لاختصاصه بالسماء ، ولو كان ما في حفظ رسول اللَّه يوصف بأنّه في السماء الرابعة خاصّة لكان ما في حفظ غيره موصوفا بذلك ، ولا وجه يكون حينئذ لإضافته إلى السماء الرابعة ، ولا إلى السماء الأولى فضلا عن السماء الرابعة [2] !
عدم تحريف القرآن وقد قال جماعة من أهل الإمامة : إنّه لم ينقص من كلمة ، ولا من آية ، ولا من سورة ، ولكن حذف ما كان مثبتا [3] في مصحف أمير المؤمنين عليه السّلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله ، وذلك كان ثابتا منزلا ، وإن لم يكن من جملة كلام اللَّه تعالى الذي هو القرآن المعجز ، وقد يسمّي تأويل القرآن قرآنا ، قال اللَّه تعالى : * ( ولا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُه وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ) * .