سورة الكهف
سورة الكهفقصّة أصحاب الكهف
قصّة أصحاب الكهف وأمر أصحاب الكهف نظير لما ذكرناه ، وقد نزل القرآن بخبرهم ، وشرح أمرهم في فرارهم بدينهم من قومهم ، وحصولهم في كهف ناء عن بلدهم ، فأماتهم اللَّه فيه ، وبقي كلبهم باسطا ذراعيه بالوصيد ، ودبّر أمرهم في بقاء أجسامهم على حال أجساد الحيوان لا يلحقها تغيّر بالموت ، فكان يقلَّبهم ذات اليمين وذات الشمال كالحيّ الذي ينقلب في منامه بالطبع والاختيار ، ومعهم حرّ الشمس التي تغيّر الألوان والرياح التي تمزق الأجساد ، فبقوا على ذلك ثلاثمائة سنة وتسع سنين على ما جاء به الذكر الحكيم ، ثم أحياهم فعادوا إلى معاملة قومهم ، ومبايعتهم ، وأنفذوا إليهم بورقهم ليبتاعوا منهم ، أحلّ الطَّعام وأطيبه وأزكاه بحسب ما تضمّن القرآن من شرح قصّتهم ، مع استتار أمرهم عن قومهم ، وطول غيبتهم عنهم وخفاء أمرهم عليهم .وليس في عادتنا مثل ذلك ، ولا عرفناه ولولا أنّ القرآن جاء بذكر هؤلاء القوم وخبرهم ، وما ذكرناه من حالهم ، لتسرّعت الناصبة إلى إنكار ذلك كما تتسرّع إلى إنكاره الملحدون والزنادقة والدهريون ، ويحيلون صحّة الخبر به ، وقد تقول أن يكون في المقدور [1] .