[ انظر : سورة الشورى ، آية 52 ، في مفهوم الرّوح ، من تصحيح الاعتقاد : 64 . ] في أقسام الجدال الجدال على ضربين : أحدهما : بالحقّ والآخر بالباطل ، فالحقّ منه مأمور به ومرغَّب فيه ، والباطل منه منهيّ عنه ومزجور عن استعماله .
قال اللَّه تعالى لنبيّه صلَّى اللَّه عليه وآله : * ( وجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) * ، فأمر بجدال المخالفين وهو الحجاج لهم ، إذ كان جدال النبي صلَّى اللَّه عليه وآله حقّا ، وقال تعالى لكافّة المسلمين : ولا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [1] ، فأطلق لهم جدال أهل الكتاب بالحسن ، ونهاهم عن جدالهم بالقبيح .
وحكى سبحانه عن قوم نوح عليه السّلام ما قالوه في جدالهم ، فقال سبحانه : قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا [2] .
فلو كان الجدال كلَّه باطلا ، لما أمر اللَّه تعالى نبيّه صلَّى اللَّه عليه وآله به ، ولا استعمله الأنبياء عليه السّلام من قبله ، ولا إذن للمسلمين فيه .
فأمّا الجدال بالباطل ، فقد بين اللَّه تبارك وتعالى عنه في قوله : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّه أَنَّى يُصْرَفُونَ [3] ، فذّم المجادلين في آيات اللَّه لدفعها أو قدحها