سورة هود
سورة هودتحدّي القرآن والأمر بتكليف ما لا يطاق
تحدّي القرآن والأمر بتكليف ما لا يطاق المسألة الرابعة والثلاثون : وسأل فقال : قد ثبت أنّ اللَّه عدل لا يجور ، وأنّه لا يكلَّف نفسا إلَّا وسعها ، وهو العالم بأنّ العرب لا تأتى بمثل القرآن ولا تقدر عليه ، فلم كلَّفهم أن يأتوا بعشر سور مثله أو بسورة مثله ؟ وكذلك إن كانوا عليه قادرين ، لكنّهم كانوا منه ممنوعين ، فالسؤال واحد .والجواب : أنّ قوله تعالى : * ( فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِه مُفْتَرَياتٍ ) * ، يريد به تعالى ، أنّه لو كان القرآن من كلام بشر قد افتراه ، لكان مقدورا لغيره من البشر ، فامتحنوا أنفسكم ، فإذا عجزتم عن افتراء مثله ، فقد علمتم بطلان دعواكم على محمد صلَّى اللَّه عليه وآله ، الافتراء للقرآن ، ومن لم يفهم فرقا ما بين التحدّي والتّقريع والتّعجيز والأمر والتكليف والإلزام ، كان في عداد البهائم وذوي الآفات الغامرة للعقول من الناس .
وكذلك قوله : " فأتوا بسورة من مثله " ليس بأمر وإلزام ، لكنّه تحدّ وتعجيز .
ألا ترى قوله : وإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِه وادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّه إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ولَنْ تَفْعَلُوا [1] ، فحدّاهم وبيّن عجزهم وأنّهم يعجزون عن ذلك ولم يتهيّأ لهم أبدا .