responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرآن المجيد نویسنده : الشيخ المفيد    جلد : 1  صفحه : 252


وبعد : فلو كان لرسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله مؤنس على ما ادّعاه الجاهل ، لم يكن له بذلك فضل في الدين ، لأنّ الأنس قد يكون لأهل التقوى والإيمان بأمثالهم من أهل الإيمان ، وبأغيارهم من أهل الضلال والبهائم والشجر والجمادات ، بل ربما آنس العاقل بمن يخالفه في دينه ، واستوحش ممّن يوافقه ، وكان أنسه بعبده - وإن كان ذميّا - أكثر من أنسه بعالم وفقيه - وإن كان مهذّبا - ويأنس بوكيله أحيانا ، ولا يأنس برئيسه ، كما يأنس بزوجته أكثر من أنسه بوالدته ، ويأنس إلى الأجنبيّ فيما لا يأنس فيه إلى الأقرب منه ، وتأتي عليه الأحوال يرى أنّ التأنّس ببعيره وفرسه أولى من التأنّس بأخيه وابن عمّه ، كما يختار المسافر استصحاب من يخبره بأيّام الناس ، ويضرب له الأمثال ، وينشده الأشعار ، ويلهيه بالحديث عن الذكر وما يبهج الخواطر بالبال ، ولا يختار استصحاب أعبد الناس ، ولا أعرفهم بالأحكام ولا أقرأهم للقرآن ، وإذا كان الأمر على ما وصفناه ، لم يثبت لأبي بكر فضل بالأنس به ، ولو سلَّمناه ولم نعترض في بطلانه بما قدّمناه ، وهذا بيّن لا إشكال فيه عند ذوي الألباب .
وأمّا كونه للنبىّ صلَّى اللَّه عليه وآله ثانيا فليس فيه أكثر من الأخبار بالعدد في الحال ، وقد يكون المؤمن في سفره ثاني كافر ، أو فاسق ، أو جاهل ، أو صبي ، أو ناقص ، كما يكون ثاني مؤمن وصالح وعالم وبالغ وكامل ، وهذا ما ليس فيه اشتباه ، فمن ظنّ به فضلا فليس من العقلاء .
وأمّا الصحبة ، فقد تكون بين المؤمن والكافر ، كما تكون بينه وبين المؤمن ، وقد يكون الصاحب فاسقا ، كما يكون برّا تقيّا ، ويكون أيضا بهيمة وطفلا ، فلا معتبر باستحقاقها فيما يوجب المدح أو الذّم ، ويقتضي الفضل أو النقص .
قال اللَّه تعالى فيما خبّر به عن مؤمن وكافر : قالَ لَه صاحِبُه وهُوَ يُحاوِرُه أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا لكِنَّا هُوَ اللَّه رَبِّي ولا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً [1] فوصف أحدهما بالإيمان ، والأخر بالكفر والطغيان ، وحكم لكلّ واحد منهما بصحبة الآخر على الحقيقة وظاهر البيان ، ولم يناف الصحبة اختلاف



[1] الكهف 18 : 37 - 38 .

نام کتاب : تفسير القرآن المجيد نویسنده : الشيخ المفيد    جلد : 1  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست