فصل
فصل وأمّا فراسة النبي صلَّى اللَّه عليه وآله للمنافقين ، فقد صدقت ولم يخف على النبي صلَّى اللَّه عليه وآله أمرهم مع التفرّس لهم وقوله تعالى : ولَوْ نَشاءُ لأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ ولَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ واللَّه يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ [1] .وذلك أنّ اللَّه تبارك وتعالى ردّه في علم أحوالهم إلى التفرّس لهم ، وأحاله في معرفتهم على مشاهدته مخارج كلامهم وسماع مقالهم ، وقطع على وصوله إلى معرفة بواطنهم بتأمّله لحن قولهم ، وجعل ذلك نائبا مناب تعيينهم وتسميتهم ، وهذا خلاف ما توهّمه السائل وتظنّاه .
فصل
فصل فإن سأل سائل عن قوله تعالى : ومِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ [2] .فقال : كيف يكون صادق التوسّم وهو لا يعلم أهل النفاق مع تفرّسه لهم ؟ فالجواب :
عن هذا قد تقدّم ، وهو أنّ اللَّه تعالى نفى علمه بهم ، ولم ينف ظنّه بنفاقهم ، والخبر إنّما يدلّ على قوّة ظنّه بهم عند تفرّسه لهم ، ولا يدّل على علم ويقين لهم ، على ما قدّمناه .
فصل
فصل مع أنّ القوم الذين عناهم اللَّه تعالى بهذه الآية من أهل النفاق لم يقم دليل على تفرّس النبي صلَّى اللَّه عليه وآله بهم في حال نفاقهم ، ولا يمتنع أن يكون القوم كانوا غيبا عنه ، أو كانوا يحضرونه ، فلا يتميّز بينهم لشغل بغيرهم ، فأنبأه اللَّه عزّ وجلّ عن حالهم بالتمرّد على النفاق ، وهو العتوّ فيه والتمرّد عليه ، ولا يمتنع أيضا أن يكون قد عرفهم النفاق ، غير أنّه لم يعرفهم بالتمرّد عليه .وليس في الخبر ما يدلّ على أنّ فراسة المؤمن ، تدلّ على كلّ حال يكون عليها من