إنّ من أراد اللَّه تعالى أن ينعّمه ويثيبه جزاء على طاعته ، شرح صدره للإسلام بالألطاف التي يحبوه بها ، فييسّر لها بها استدامة أعمال الطاعات .
والهداية في هذا الموضع هي النعيم ، قال اللَّه تعالى فيما خبّر به عن أهل الجنة : الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي هَدانا لِهذا [1] اي نعّمنا به وأثابنا إيّاه .
والضلال في هذه الآية هو العذاب ، قال اللَّه تعالى : إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وسُعُرٍ [2] .
فسمّى العذاب ضلالا والنعيم هداية .
والأصل في ذلك أنّ الضلال هو الهلاك والهداية هي النجاة [3] . إلى آخر البحث .
وهكذا يظهر بوضوح رجوعه إلى النصّ القرآني لإيضاح النصّ القرآني لإيضاح النصّ القرآني وتفسير معناه على حقيقته معتمدا وحدة الموضوع بين تلك النصوص والترابط التوثيق بين أغراضها ، ومستندا إلى حقيقة أنّ القرآن يشهد بعضه لبعض ويفسّره ، وأنّه لا اختلاف فيه ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وبكلمة موجزة نقول : إنّ تفسير القرآن بالقرآن هو المنهج الأساس في مدرسة الشيخ المفيد ، والذي يعم جلّ كلامه في التفسير إن لم نقل كلَّه [4] .
التفسير الروائي بدأ تفسير القرآن معتمدا على الرواية والنقل عن الرسول صلَّى اللَّه عليه وآله مع كل التحرج والتأكد والالتزام بدقة النقل وعدم التصرف ، وليس ذلك الأسلوب غريبا ما دام غرض التفسير هو إيضاح مراد اللَّه تعالى من كتابه العزيز .
فلا يجوز الاعتماد فيه على الظنون والاستحسان ، ولا على شيء لم يثبت أنّه حجّة من طريق العقل أو من الشرع . فلهذا لا يجوز الرجوع إلى غيرها ما دام فيها نصّا من النبي صلَّى اللَّه عليه وآله أو أهل بيته عليهم السّلام في معنى الآية .