فقدّم جلّ اسمه الوالدين والولد على جميع ذوي الرّحم ، لقربهم من الميّت ، وأخّر من سواهم من الأهل عن رتبتهم في القربى وجعل لكلّ واحد منهم نصيبا سمّاه له ، وبيّنه ، لتزول الشبهة عمّن عرّفه في استحقاقه [1] .
قد بيّنّا أنّه لا ميراث لأحد من ذوي الأرحام مع الأبوين ولا مع الولد على حال ، غير أنّ اللَّه تعالى سمّى للأمّ نصيبا مع الأب ، وحجبها عنه بالإخوة من الأب ، وحطَّها إلى ما هو دونه ، ليتوفّر سهم الأب ، لموضع عيلولته الإخوة ، ووجوب ذلك عليه دونها ، فقال جلّ اسمه : * ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَه وَلَدٌ ووَرِثَه أَبَواه فَلأُمِّه الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَه إِخْوَةٌ فَلأُمِّه السُّدُسُ ) * [2] .
سهم الأزواج مع الوالدين خاصّة ، فلهم السّهم الأعلى هاهنا أيضا على ما قدّمناه ، والباقي للأبوين على حسب فرائضهم مع أسباب الحجب الحاصلة ، إذ ذلك وعدمها بما تضمّنه نصّ القرآن [3] .
طبقات الإرث وأنا أفسّر هذه الجملة بما يصحّ معناها لمن تأمّله من ذوي الألباب إن شاء اللَّه :
قد جعل اللَّه تعالى ، للأبوين السدسين مع الولد ، وجعل للزّوج الربع معه ومعهما ، وجعل البنات الثّلثين في نصّ القرآن ، وقد يجتمع والدان وزوج وثلاث بنات ، وليس يصحّ أن يكون مال واحد ولا شيء واحد له ثلثان وسدسان وربع على حال .
فنعلم بهذا أنّ أحد هؤلاء المذكورين لم يقسّم اللَّه تعالى له ما سمّاه عند اجتماعهم في الميراث ، لاستحالة قسمة المحال والمعدوم الذي لا وجود له بحال من الأحوال ،