ولعلّ تأثير بعض الانحرافات والاعوجاجات بمنزلة ذي الخاصية غير مشروط بالعلم ، بل يؤثّر مع الجهل أيضا ، فإذا بقي العبد على جادّة الشريعة مراعيا لوظايف العبوديّة ، وحقوق الولاية فحينئذ ينجلي في قلبه ضياء العلم والحكمة والمعرفة ، فيشرح صدره ويتّسع قلبه لقبول الأعمال الحسنة ، ولو رود الخواطر الملكوتية على قليه ، فبورود الواردات الملكية يقوى على الأعمال المرضيّة ، وبممارسة الأعمال الحسنة يستعدّ قلبه لقبول أشعة أنوار العلم والمعرفة ، فكلّ من الواردات القلبية والأعمال البدنية يقوى على صاحبه ، بل كان كل منهما مقدمة إعدادية ، أو علَّية مادية للآخر ، بل لا يخفى سريان الحكم إلى جميع الواردات والأعمال ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، فإذا كانت الأعمال والأفعال والأقوال والأحوال كلَّها على نهج الاستقامة والاعتدال على حسب ما يقتضيه إقامة الولاية كانت الثمرات المترتبة ، والخاطرات الواردة كلَّها على نهج الصواب والسداد ، وإن كان العكس فالعكس ، ضرورة أنّ استقامة الشاخص يلزمه استقامة الظل ، ويستلزم الاعوجاج الاعوجاج : * ( والْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُه بِإِذْنِ رَبِّه والَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً ) * « 1 » ، وهو ما يقتضيه الفطرة الأصلية التي ربما يظهر مقتضياتها عند مصادفة عدم مزاحمة الموانع .
وبالجملة فالإصابة إنما تترّتب على ملازمة الصواب ، فإذا كان هناك انحراف في شيء من العقائد أو الأعمال انحرف بقدره وجه القلب الذي قلنا إنه كالمرآة عن المحاذاة وإذا تعدّى عن السنّة والمنهاج حدث فيه الاعوجاج .
وأمّا الثاني فاعلم أنّ مراتب الرؤية القلبية مع قطع النظر عن كونها على وجه