إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار ) * « 1 » ، * ( إنا خلصناهم بخالصة ذكرى الدار ) * « 2 » ، * ( وإنهم لمن المصطفين الأخيار ) * « 3 » ، والتفرّغ للتفكر في خلق الآفاق والأنفس ، والتدبّر في بديع صنعه سبحانه ليلا ونهارا ، هذا كلَّه مع ملازمة التقوى ، ودوام الطهارة الظاهرة والباطنة ، والتخلَّي عن الأخلاق والصفات الذميمة التي هي الرذائل ، والتخلق بالأخلاق الحميدة التي هي من الفضائل والاعتدال والتوسط في جميع ذلك وغيره حتى الأكل والشرب والنوم والتكلَّم والمعاشرة مع الخلق ، وسائر الأفعال البدنية والنفسانية ، ودوام الاستقامة في كلّ ما مرّ وفي غيره ممّا هو من مقتضيات الولاية ، وصدورها من جهة الشوق والمحبّة ، فإذا استقام على جميع ذلك كان مخلصا له سبحانه في جميع أحواله وأطواره وشئونه ، وفينفجر ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ، ويعتدل مزاجه ، ويستوفي أخلاقه ، فيقوى أثر النفس فيه ، فيكون محسنا في عمله ، فيأتيه العلم والحكمة من دون التعلَّم بمقتضى الآية .
بل قد روى عن مولينا الباقر عليه السّلام أنّه قال : ما من عبد أحبّنا وزاد في حبّنا وأخلص في مودّتنا وسئلنا مسئلة إلا أجبناه ونفثنا في روعه جوابا لتلك المسئلة .
وبالجملة فهذا العبد حينئذ تنكشف له الحقائق الواقعية ويتجلَّى له الصور المطابقة العمليّة ، ومع ذلك فلا بدّ أن يزنه بميزان الشريعة ، فإن كان ما انكشف له من العلوم موافقا لما ثبت في الشريعة سواء كان من أصول العقائد أو الفروع العلمية ، فليحمد اللَّه سبحانه على الاستقامة ، وإن كان مخالفا لما هو الثابت فيها فليتّهم نفسه ،