والتسخيرات ، وغير ذلك من التمويهات الواقعة بين العلويّة والسفليّة ، مع أنّ كثيرا من أنواع خرق العادات يشارك فيها الإنسان غيره فان الجن والشياطين قادرون على الاطلاع بالضماير وعلى الخفاء عن الأبصار وعلى التمثّل في صور كثيرة ، وعلى طيّ الأرض وعلى دخول الدار من الجدار وعلى التصرف والوسوسة في الصدور ، بل الطيور وكثير من الحيوانات يتمكّن من كثير من الخوارق بالنسبة إلى الإنسان وإن لم تكن خارقة بالنسبة إليها .
بل في « الفتوحات » « 1 » ، أنه سئل أبو يزيد من طيّ الأرض فقال ليس بشيء فإنّ إبليس يقطع من المشرق إلى المغرب في اللحظة الواحدة ، وما هو عند اللَّه بمكان .
وسئل عن اختراق الهواء فقال : إن الطير يخترق الهواء والمؤمن عند اللَّه أفضل من الطير ، فكيف يحسب كرامة من شاركه فيها طائر ، وهكذا في غيره ، ثم قال : إلهي إنّ قوما طلبوك لما ذكروه فشغلتهم به وأهّلتهم له اللَّهم مهما أهّلتني لشيء فأهّلني لشيء من أشيائك يقول من أسرارك ، فما طلب إلَّا العلم .
ثم هذا كلَّه في المكاشفات الصادقة ، والكرامات الواقعة الحقّة ، وأمّا المكائد والخدع ، والتمويهات والحيل ، والأخذ على العيون ، وغير ذلك مما لا أصل له فلا ينبغي التكلَّم فيه رأسا .
وأمّا المكاشفات المعنوية ، والإشراقات العلمية ، والتجلَّيات الحقيقية فهي وإن ادّعاها كثير من الناس إلَّا أنّ أكثرهم عن السمع لمعزولون ، ألم تر أنّهم في كل واد يهيمون ، وأنّهم يقولون ما لا يعلمون .