ولكن العلم مجبول في قلوبكم ، مركوز في طبائعكم ، تخلَّقوا بأخلاق الروحانيين يظهر لكم .
وروى أنه قال لبني إسرائيل : يا بني إسرائيل لا تقولوا العلم في السماء من يصعد يأتي به ، ولا في تخوم الأرض من ينزل يأتي به ، ولا من وراء البحار من يعبر يأتي به ، العلم مجبول في قلوبكم ، تأدّبوا بين يدي اللَّه بآداب الروحانيين فتخلَّقوا بأخلاق الصديقين يظهر العلم من قلوبكم حتى يغطيكم ويغمركم .
فهذه الأخبار وغيرها مما يستفاد منها أنّ من العلوم الحقّة ما يحصل للإنسان بالإقبال على مراسم العبوديّة ، وملازمة التقوى ، والاعتدال في الأقوال والأفعال والأحوال ، وهذا هو الَّذي ربما يسمّونه بالكشف الذي هو لغة رفع الحجاب ، يقال كشفت المرأة وجهها أي رفعت نقابها ، وعندهم هو الاطلاع على ما وراء الحجاب من الأمور الحقيقية ، سواء كانت من الصور المثالية ، أو من المعاني الغيبة ، ويسمّى الأوّل بالصوري والثاني بالمعنوي فالصوري ما يحصل في عالم المثال من طريق الحواس الخمس التي لها الإحاطة العنصرية ، والمدّة الزمانية ، سواء كانت تلك الإحاطة من طريق المشاهدة ، كرؤية المكاشف صور الأرواح أن تتجسّد وتترائي في صور الأجساد الماديّة إمّا بإرادتها أو بإرادة الرائي أو غيره ، وإن كان الكلّ بمشيّته سبحانه ومن هذا الباب رؤية جبرئيل في صورة دحية الكلبي « 1 » ، أو في غيرها من