العلوم الحاصلة من الطرفين كمّا وكيفا عرضا عريضا ، هذا هو الكلام في قسمي التكسّب .
وأمّا الوهب الإلهي والتعليم الربّاني ، فهو أيضا قسمان : قسم يختصّ بها الأنبياء والأولياء الذين هم أوصياء الأنبياء وقد مرّ الكلام فيه ، وقسم يشترك فيه ساير الناس أيضا ممن يهتدي بأنواره ، ويقتصّ على آثارهم بتخلية النفس عن الرذائل ، وتحلَّيها بالفضائل ، بعد ملازمة التقوى ، وخلوص النية والتدرّج في مراتب الإيمان واليقين والإخلاص والإحسان الذي هو أن تعبد اللَّه كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك .
وقد وردت إليه الإشارة في موارد من الكتاب والسنّة كقوله تعالى : * ( واتَّقُوا اللَّه ويُعَلِّمُكُمُ اللَّه ) * « 1 » ، وقوله تعالى : * ( ولَمَّا بَلَغَ أَشُدَّه واسْتَوى آتَيْناه حُكْماً وعِلْماً وكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) * « 2 » ، وقوله تعالى : * ( ونَفْسٍ وما سَوَّاها ، فَأَلْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ، وقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها ) * « 3 » .
وعن مولينا أمير المؤمنين عليه السّلام على ما أرسله في « غرر الحكم » و « المناقب » أنّه سئل عن العالم العلوي فقال عليه السّلام : صور عالية عن الموادّ ، عارية من القوّة والاستعداد ، تجلَّي لها ربها فأشرقت ، وطالعها فتلألأت وألقى في هويّتها مثاله ، فأظهر عنها أفعاله ، وخلق الإنسان ذا نفس ناطقة ، إن زكّيها بالعلم والعمل فقد شابهت جواهر أوائل عللها ، وإذا اعتدل مزاجها ، وفارقت الأضداد ،