إلى أن قال : والفرقان بالضم القرآن كالفرق بالضم ، وكلَّما فرّق به بين الحق والباطل ، والنصر ، والبرهان ، والصبح ، والسحر ، والصبيان والتورية وانفراق البحر ومنه : * ( وإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ والْفُرْقانَ ) * « 1 » ويوم الفرقان يوم بدر . انتهى .
فالقرآن فرقان كما قال : * ( تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِه ) * « 2 » لأنّه فارق بين الحقّ والباطل فالمصدر بمعنى الفاعل .
أو لأنّ فيه تفصيل كلّ شيء من الحقائق والشرائع والأحكام والحلال والحرام ، فالقرآن في رتبة الإجمال وجمعيّة الحقائق الكليّة ، والفرقان في مقام التفصيل وتبيين المقاصد الواقعيّة .
أو لأنّ نزوله كان منجّما مفرّقا في نيّف وعشرين سنة كما قال : * ( وقُرْآناً فَرَقْناه لِتَقْرَأَه عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ ) * « 3 » ولذا * ( قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْه الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً ) * « 4 » كما نزّل سائر الكتب على الأنبياء من قبله فأجيبوا بقوله :
كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِه فُؤادَكَ ورَتَّلْناه تَرْتِيلاً ) * « 5 » .
أو لأنّه نجاة من الآفات وعصمة من الهلكات كما هو أحد الوجوه في قوله :
* ( إِنْ تَتَّقُوا اللَّه يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً ) * « 6 » .
أو لأنّه عون ونصرة للأبرار على الفجّار ، ولجنود العقل الَّذين هم أولياء المؤمنين على جنود الجهل وهم أحزاب الشياطين .
أو لأنّه برهان واضح ومشفق ناصح ودليل لائح على حقائق التوحيد