بأنّهم لا يفارقون الكتاب أصلا فإنّ كان المراد كلّ واحد منهم ثبت المطلوب أو الجميع فكذلك بالتقريب المتقدّم .
ثمّ إنّه لا يخفى أنّ النبيّ ( صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم ) خاطب أمّته بهذا القول على سبيل الإرشاد والهداية وإزاحة الشكوك والعلَّة وقد ورد في كثير من أخبار الباب أنّه ( عليه السّلام ) قال إنّهما الخليفتان من بعدي وإنّما أراد أنّ المرجع إليهما بعدي فيما يرجع إليّ في حياتي فإن أراد أنّ مجرّد إجماعهم حجّة مع جواز الاختلاف بينهم بل ووقوعه كما زعموه فلا ريب أنّه لا يكمل به الحجّة إلَّا أن يكون الحجّة في قول كلّ منهم سيّما مع انفراد بعضهم عن غيره في بعض الأزمنة كما هو الواقع ومن جميع ذلك يظهر ضعف ما مرّ في كلام السائل من أنّ الكلام يقتضي الجميع مع أنّه إذا أخبر واحد منهم بشيء فلا بدّ من أن يكون موافقا لغيره من العترة وموافقا للكتاب ، وإلَّا لزم مفارقة العترة للكتاب على الوجهين هف .
ومنه يظهر أنّه لا يقع بين العترة اختلاف أصلا فيضعف ما أشار إليه السائل بقوله : ولأنّ الخلاف قد يقع بينهم . . إلى آخره .
على أنّا في سعة من ذلك كلَّه لأنّ الخصم لا يسعه إنكار حجّية إجماعهم ولذا قد صرّح به في أوّل كلامه ولا ريب في انعقاد إجماعهم على عصمتهم وخلافتهم بلا فصل وعددهم ، وفضلهم وولايتهم وغير ذلك ممّا يعلم من ضرورة مذهبهم الَّذي عرف منه أنّه لا اختلاف بين أقوالهم وأحكامهم وأنّ أوّلهم يحكم بما يحكم به آخرهم وآخرهم يحكم بما حكم به أوّلهم وأنّ جميعهم بمنزلة متكلَّم واحد وأنّ ما وقع في أخبارهم من الاختلاف فإنّما هو لاختلاف الموضوعات وأحوال المكلَّفين من باب الحكم البدلي الثانوي الَّذي يختلف على حسب التقيّة والعجز والضعف وغيرها من الأعذار الَّتي من أجلَّها حفظ شيعتهم بإيقاع الخلاف بينهم .