والتعقّل إدراك الشيء من حيث هو هو فقط لا من حيث هو شيء آخر سواء أخذ وحده أو مع غيره من الصفات فهذه إدراكات مترتبة في التجريد .
الأوّل : مشروط بثلاثة أشياء حضور المادّة ، واكتناف الهيئات ، وكون المدرك جزئيّا .
والثاني : تجرّد عن الشرط الأوّل .
والثالث : عن الأوّلين .
والرابع : عن الجميع على ما حقّقه المحقّق الطوسي طاب ثراه « 1 » .
ثمّ إنّ إنّية الإدراك بأقسامه وإن كانت في غاية الوضوح والظهور بحيث يقضي به الضرورة الوجدانيّة إلَّا انّه قد صعب عليهم إدراك حقيقة وكيفيّته فاختلفوا فيه على أقوال :
أحدها : القول بالانطباع حسب ما مرّت إليه الإشارة ، واستدلَّوا له بأنّا إذا تصوّرنا شيئا فإمّا أن يحدث في أذهاننا أثر ، أو لا يحدث شيء بل حالنا قبل التصوّر وبعده سواء .
والثاني : باطل بالضرورة الوجدانيّة ، وعلى الأوّل فذلك الأمر الحاصل إن لم يكن مطابقا لذلك الشيء لم يكن متصوّرا له وإن كان مطابقا له فهو إمّا عينه أو مثله ،