إنّه قبول القوّة العاقلة للمعقول وانفعالها عنه واتّحادها به نوعا من الاتّحاد كما هو المحكيّ عن ابن سيناء في المبدأ والمعاد « 1 » .
والثالث عن بعض المتكلَّمين الَّذين جعلوه نفس النسبة ولذا عرّفوه بأنّه إضافة بين العالم والمعلوم فهو على الأوّل من مقولة الكيف لعرضية الصورة واحتياجها في القيام إلى العاقلة وعلى الثاني من مقولة الانفعال ، وعلى الثالث ، من مقولة الإضافة .
أقول : وهذه الأقوال كلَّها على فرض القول بارتسام صور المدركات في القوى ، النفسانيّة وانطباعها فيها ، وهذا القول « 2 » وإن ذهب إليه جمهور الحكماء والمتكلَّمين إلَّا أنّ الَّذي يقتضيه التحقيق هو خلافه ، وجملة الكلام في المقام أنّه قد اختصّ الإنسان بأنواع الإدراكات الأربعة الَّتي هي الإحساس والتخيّل والتوهّم والتعقّل والمراد بالإحساس إدراك الشيء الموجود في المادّة الحاضرة عند المدرك على هيئات مخصوصة من الأين والمتى والوضع ، وسائر المشخّصات ، والتخيّل إدراكه مع الهيئات المذكورة في حالي حضوره وغيبته ، والتوهّم إدراك لمعان غير محسوسة من الكيفيّات والإضافات مخصوصة بالشيء الجزئي الموجود في المادة ،