[ سورة الكهف ( 18 ) : آية 30 ] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ( 30 ) قوله تعالى : إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا [ 30 ] قال : حسن العمل الاستقامة عليه بالسنة ، وإنما مثل السنة في الدنيا مثل الجنة في الآخرة ، ومن دخل الجنة سلَّم ، كذلك من لزم السنة في الدنيا سلم من الآفات . وقال مالك بن أنس رضي اللَّه عنه : لو أن رجلا ارتكب جميع الكبائر ثم لم يكن فيه شيء من هذه الأهواء والبدع لرجوت له . ثم قال : من مات على السنة فليبشر ثلاث مرات . وقال سهل : لا يرفع الحجاب عن العبد حتى يدفن نفسه في الثرى . قيل له : كيف يدفن نفسه في الثرى ؟ قال : يميتها على السنة ، ويدفنها في اتباع السنة ، لأن لكل شيء من مقامات العابدين مثل الخوف والرجاء والحب والشوق والزهد والرضا والتوكل غاية ، إلا السنة فإنه ليست لها غاية ونهاية . وسئل عن معنى قوله : « ليست للسنة غاية » متى بن أحمد فقال : لا يكون لأحد مثل خوف النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أو حبه أو شوقه ، أو زهده أو رضاه أو توكله أو أخلاقه ، وقد قال اللَّه تعالى : وإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [ القلم : 4 ] . وسئل عن معنى قوله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : « أجيعوا أنفسكم وأعروها » « 1 » ، فقال : أجيعوا أنفسكم إلى العلم وأعروها عن الجهل .
[ سورة الكهف ( 18 ) : آية 39 ]
[ سورة الكهف ( 18 ) : آية 39 ] ولَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّه لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا ووَلَداً ( 39 ) قوله : قُلْتَ ما شاءَ اللَّه لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه [ 39 ] أي ما شاء اللَّه في سابق علمه ، لا يقف عليه أحد إلا اللَّه تعالى ، لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه [ 39 ] أي لا قوة لنا على أداء ما أمرتنا به في الأصل ، والسلامة منه في الفرع ، والخاتمة المحمودة إلا بمعونتك ، وكذا تفسير قوله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : « لا حول ولا قوة إلا باللَّه » « 2 » أي لا حول عن السلامة من الجهل في الأصل ، ومن الإصرار في الفرع إلا بعصمتك ولا قوة لنا على أداء ما أمرتنا به في الأصل والسلامة منه في الفرع والخاتمة المحمودة إلا بمعونتك . وسئل سهل : ما أفضل ما أعطي العبد ؟ قال : علم يستزيد به افتقارا إلى اللَّه عزّ وجلّ .
[ سورة الكهف ( 18 ) : آية 55 ]
[ سورة الكهف ( 18 ) : آية 55 ] وما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى ويَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا ( 55 ) قوله : وما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى [ 55 ] قال : جاءهم الهدى وطرق الهداية كانت مسدودة عليهم ، فمنعهم الهدى والإيمان الحكم الذي جرى عليهم في الأزل .
[ سورة الكهف ( 18 ) : آية 109 ]
[ سورة الكهف ( 18 ) : آية 109 ] قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي ولَوْ جِئْنا بِمِثْلِه مَدَداً ( 109 ) قوله : قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ [ 109 ] قال : أي بعلم ربي وعجائبه ، ثم قال : إن من علمه كتابه ، لو أن عبدا أعطي لكل حرف من القرآن ألف فهم لما بلغ نهايته علم اللَّه فيه ، لأنه كلامه القديم ، وكلامه صفته ، ولا نهاية لصفاته ، كما لا نهاية له ، وإنما يفهم على قدر ما يفتح اللَّه على قلوب أوليائه من فهم كلامه . قوله : فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّه فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً ولا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّه أَحَداً [ 110 ] قال : العمل الصالح ما كان خاليا عن الرياء مقيدا بالسنة ، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم .
( 1 ) هذا القول للنبي عيسى عليه السلام في الحلية 2 / 370 . ( 2 ) صحيح البخاري : التهجد ، رقم 1069 .