قعدوا عن ذلك . فقال : إنهم لم يقعدوا عنه إلَّا عند عدم الاحتياج إليه ، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وقد كان عندنا رجل بالبصرة له منزلة رفيعة ، لزمه فرض من ذلك في وقت من الأوقات ، فبادر نحوه ، فلقيه رجل آخر وقال له : إن اللَّه تعالى أمرني بما عزمت عليه ، وكفاك إياه ، فرجع إلى منزله ، وحمد اللَّه تعالى على حسن الكفاية ، واللَّه أعلم .
[ سورة الأنعام ( 6 ) : الآيات 76 الى 77 ]
[ سورة الأنعام ( 6 ) : الآيات 76 الى 77 ] فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْه اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ( 76 ) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ( 77 ) قوله : فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْه اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي [ 76 ] فقال : كان هذا القول منه تعريضا لقومه عند حيرة قلوبهم ، لأنه كان أوتي رشده من قبل ، كما قال : وكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ والأَرْضِ [ 75 ] . قيل : ما معنى قوله : لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي [ 77 ] قال : يعني لئن لم يدم لي الهداية ، لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ [ 77 ] ثم قال : كانت ملة إبراهيم عليه السلام السخاوة ، وحالة التبري من كل شيء سوى اللَّه تعالى ، ألا تراه حين قال جبريل عليه السلام : هل لك حاجة ؟ قال : أما إليك فلا . لم يعتمد على أحد سواه في كل حال .
[ سورة الأنعام ( 6 ) : آية 98 ]
[ سورة الأنعام ( 6 ) : آية 98 ] وهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ( 98 ) وقوله تعالى : فَمُسْتَقَرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ [ 98 ] أي مستقر في أرحام النساء و « مستودع » يعني النطفة في صلب آدم عليه السلام .
[ سورة الأنعام ( 6 ) : آية 125 ] فَمَنْ يُرِدِ اللَّه أَنْ يَهْدِيَه يَشْرَحْ صَدْرَه لِلإِسْلامِ ومَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّه يَجْعَلْ صَدْرَه ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّه الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ( 125 ) وقوله : فَمَنْ يُرِدِ اللَّه أَنْ يَهْدِيَه يَشْرَحْ صَدْرَه لِلإِسْلامِ [ 125 ] . قال سهل : إن اللَّه ميز بين المريد والمراد في هذه الآية ، وإن كان الجميع من عنده ، وإنما أراد أن يبين موضع الخصوص من العموم ، فخص المراد في هذه السورة وغيرها ، وذكر المريد وهو موضع العموم في هذه السورة أيضا ، وهو قوله تعالى : ولا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ والْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَه [ 52 ] فهو قصد العبد في حركاته وسكونه إليه ، كما قال : والَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وأَقامُوا الصَّلاةَ [ الشورى : 38 ] فكل من وجد حال المريد والمراد فهو من فضل اللَّه عليه ، ألا ترى أنه جمع بينهما في قوله تعالى : وما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّه [ النحل : 53 ] قيل له : فما الفصل بينهما ؟ فقال : المريد الذي يتكلف القصد إليه والعبادة للَّه تعالى ويطلب الطريق إليه ، فهو في الطلب بعد ، والمراد قيام اللَّه تعالى له بها ، والرجل يجد في نفسه ما يدل على المريد ، والمراد يدخل في الطاعات وقتا يجد ما يحمله على الأعمال من غير تكلف وجهد نظرا من اللَّه تعالى له ، ثم يخرج بعد ذلك إلى علو المقامات ورفيع الدرجات . قيل له : ما معنى المقامات ؟ فقال : هي موجودة في كتاب اللَّه تعالى في قصة الملائكة : وما مِنَّا إِلَّا لَه مَقامٌ مَعْلُومٌ [ الصافات : 164 ] وقال : ولِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا [ 132 ] ، وقال في صفة المريد : شغل المريد إقامة الفرض والاستغفار من الذنب وطلب السلامة من الخلق . وقال سهل : إن اللَّه عزّ وجلّ ينظر في القلوب والقلوب عنده ، فما كان أشدها تواضعا له خصه بما شاء