[ سورة فاطر ( 35 ) : آية 15 ] يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّه واللَّه هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ( 15 ) قوله : يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّه [ 15 ] قال : يعني أنتم إليه في أنفسكم ، فإن اللَّه تعالى لما خلق الخلق حكم لعباده بالفقر إليه ، وهو الغني ، فمن ادعى الغنى حجب عن اللَّه عزّ وجلّ ، ومن أظهر فقره إليه أوصل اللَّه فقره بغناه ، فينبغي للعبد أن يكون مفتقرا إليه في السر ، منقطعا عن غيره ، حتى تكون عبوديته محضة ، إذ العبودية المحضة هي الذل والخضوع . فقيل له : وكيف يفتقر إليه ؟ قال : إظهار الفقر في ثلاث : فقرهم القديم ، وفقرهم في حالهم ، وفقرهم في موت أنفسهم من تدبيرهم ومن لم يكن كذلك فهو مدّع في فقره . وقال : الفقير الصادق الذي لا يسأل ولا يرد ولا يحبس . وقال عمر بن عبد العزيز « 1 » رضي اللَّه عنه : صفة أولياء اللَّه عزّ وجلّ ثلاثة أشياء : الثقة باللَّه تعالى في كل شيء ، والفقر إليه في كل شيء ، والرجوع إليه من كل شيء .
[ سورة فاطر ( 35 ) : آية 32 ]
[ سورة فاطر ( 35 ) : آية 32 ] ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِه ومِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ومِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّه ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ( 32 ) قوله : ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا [ 32 ] قال عمر بن واصل : سمعت سهلا يقول : السابق العالم ، والمقتصد المتعلم ، والظالم الجاهل « 2 » . وقال أيضا : السابق الذي اشتغل بمعاده ، والمقتصد الذي اشتغل بمعاده ومعاشه ، والظالم الذي اشتغل بمعاشه دون معاده . وقال الحسن البصري رحمه اللَّه : السابق الذي رجحت حسناته على سيئاته ، والمقتصد الذي استوت حسناته وسيئاته ، والظالم الذي رجحت سيئاته على حسناته .
( 1 ) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي ( 61 - 101 ه ) : الخليفة الصالح والملك العادل ، وخامس الخلفاء الراشدين . توفي مسموما بعد سنتين من خلافته . ( الأعلام 5 / 50 ) . ( 2 ) تفسير القرطبي 14 / 348 ، وفيه أقوال أخرى .