[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 4 ] ما جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِه وما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ واللَّه يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ( 4 ) قوله تعالى : ما جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِه [ 4 ] قال : المتوجه إلى اللَّه عزّ وجلّ قصدا من غير التفات ، فمن نظر إلى شيء سوى اللَّه فما هو بقاصد إلى ربه ، وإن اللَّه تعالى يقول : ما جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِه [ 4 ] قيل : قلب يقبل به على ربه ، وقلب يدبر به أمور الدنيا . وللعقل طبعان : طبع للدنيا وطبع للآخرة مؤتلف بطبع نفس الروح ، فطبع الآخرة منطبع بطبع نفس الروح ، وطبع الدنيا مؤتلف بالنفس الشهوانية . ولهذا قال الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : « لا تكلني إلى نفسي طرفة عين » « 1 » ، فإن العبد ما دام مشتغلا بنفسه فهو محجوب عن اللَّه عزّ وجلّ .
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 6 ]
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 6 ] النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وأَزْواجُه أُمَّهاتُهُمْ وأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً ( 6 ) قوله تعالى : النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [ 6 ] قال : من لم ير نفسه في ملك الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، ولم ير ولاية الرسول صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في جميع الأحوال لم يذق حلاوة سنته بحال ، لأن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم هو أولى بالمؤمنين ، والنبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يقول : « لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين » « 2 » .
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 8 ]
[ سورة الأحزاب ( 33 ) : آية 8 ] لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً ( 8 ) قوله تعالى : لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً [ 8 ] قال عبد الواحد بن زيد « 3 » : الصدق الوفاء للَّه بالعمل . وسئل سهل عن الصدق فقال : الصدق خوف الخاتمة ، والصبر شاهد الصدق ، وإنما صعب الصدق على الصديقين ، والإخلاص على المخلصين ، والتوبة على التائبين ، لأن هذه التلبية لها حكم بدل الروح . قيل لأحمد بن متى : ما معناه ؟ قال : أن لا يبقى للنفس نصيب « 4 » . وقال سهل : لا يشم أحد رائحة الصدق ما دام يداهن نفسه أو غيره . بل الصدق أن يكون في سره أنه ليس على وجه الأرض أحد طالبه اللَّه بالعبودية غيره ، ويكون رجاؤه خوفه ، وخوفه انتقاله ، فإذا رآهم اللَّه تعالى على هذه الحالة تولى أمورهم وكفاهم ، فصارت كل شعرة من شعورهم تنطق مع اللَّه بالمعرفة ، فيقول اللَّه تعالى لهم يوم القيامة : « لمن عملتم ، ما ذا أردتم ؟ فيقولون : لك عملنا ، وإياك أردنا . فيقول : صدقتم » . فوعزته فقوله لهم في المشاهدة : « صدقتم » ألذ عندهم من نعيم الجنة . فقيل لأحمد بن متى : ما معنى
( 1 ) المستدرك على الصحيحين 1 / 730 والسنن الكبرى 6 / 147 ( 10405 ) ، 6 / 167 ( 10487 ) ومجمع الزوائد 10 / 117 ، 137 ، 181 ومسند أحمد 5 / 42 . ( 2 ) صحيح البخاري : الإيمان ، رقم 14 - 15 وصحيح مسلم : الإيمان ، رقم 44 . ( 3 ) عبد الواحد بن زيد ( . . . - 177 ه ) : واعظ من متصوفة البصرة . تلقى أصول علومه عن الحسن البصري . ( الحلية 6 / 156 ) . ( 4 ) فيض القدير 4 / 343 وكتاب الزهد الكبير 2 / 343 .