[ سورة القصص ( 28 ) : آية 76 ] إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وآتَيْناه مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَه لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَه قَوْمُه لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّه لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ( 76 ) قوله : لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّه لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ [ 76 ] قال : من فرح بغير مفروح استجلب حزنا لا انقطاع له ، وليس للمؤمن راحة دون لقاء الحق جل وعز . وحكي عن الأعمش « 1 » قال : كنا نشهد جنازة فلا ندري من نعزي من حزن القوم « 2 » .
[ سورة القصص ( 28 ) : آية 78 ]
[ سورة القصص ( 28 ) : آية 78 ] قالَ إِنَّما أُوتِيتُه عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أَولَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّه قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِه مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْه قُوَّةً وأَكْثَرُ جَمْعاً ولا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ( 78 ) قوله تعالى : إِنَّما أُوتِيتُه عَلى عِلْمٍ عِنْدِي [ 78 ] قال : ما نظر إلى نفسه أحد فأفلح ، ولا ادعى لنفسه حالا فتم له . والسعيد من الخلق من صرف بصره عن أحواله ، وأفعاله سبيل الفضل والإفضال ، ورؤية منة اللَّه في جميع الأفعال والشقي من زين نفسه وأحواله وأفعاله حتى افتخر بها ، وادعى ذلك لنفسه ، فشؤمه يهلكه يوما ما وإن لم يهلكه في الوقت ، ألا ترى اللَّه كيف حكى عن قارون بقوله : إِنَّما أُوتِيتُه عَلى عِلْمٍ عِنْدِي [ 78 ] يعني الفضل ، وهو أنه كان أقرأهم للتوراة « 3 » ، فادعى لنفسه فضلا ، فخسف اللَّه به الأرض ظاهرا ، وكم قد خسف بالأشرار وصاحبها لا يشعر بذلك ، وخسف الأشرار هو منع العصمة ، والرد إلى الحول والقوة بإطلاق اللسان في الدعاوي العريضة ، والعمى عن رؤية الفضل ، والقعود عن القيام بالشكر على ما أعطي ، فحينئذ يكون وقت الزوال .
( 1 ) الأعمش : سليمان بن مهران الأسدي ( 61 - 148 ه ) : تابعي . نشأ في الكوفة ، وتوفي فيها . كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض . ( تاريخ بغداد 9 / 3 ) . ( 2 ) الحلية 5 / 50 وكتاب الزهد لابن أبي عاصم 365 . ( 3 ) تفسير القرطبي 13 / 315 ، وقيل أيضا إن معنى الآية : ( إنّ اللَّه تعالى إنما أعطاني هذا المال لعلمه بأني أستحقه ولمحبته لي ) ، انظر تفسير القرطبي وتفسير ابن كثير 3 / 410 .