من الغير ، وهو أقدم مما نصبه اللَّه تعالى علما في أرضه وجعله في المسجد الحرام ، كذلك القلب له قلب آخر ، وهو موضع وقوف العبد بين يدي مولاه ، لا يتحرك في شيء إنما هو ساكن إليه .
[ سورة الحج ( 22 ) : آية 46 ]
[ سورة الحج ( 22 ) : آية 46 ] أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ ولكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ( 46 ) قوله تعالى : فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ ولكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [ 46 ] قال : أليس من نور بصر القلب يغلب الهوى والشهوة ، فإذا عمي بصر القلب عما فيه غلبت الشهوة وتواترت الغفلة ، فعند ذلك يصير البدن متخطيا في المعاصي غير منقاد للحق بحال .
[ سورة الحج ( 22 ) : آية 52 ]
[ سورة الحج ( 22 ) : آية 52 ] وما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِه فَيَنْسَخُ اللَّه ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّه آياتِه واللَّه عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( 52 ) قوله تعالى : وما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِه [ 52 ] قال : يعني إذا تلا ونفسه ملاحظة للتلاوة ألقى الشيطان في أذنه ، إذ له على النفس فيه شركة ، إذ الملاحظة فيها من هوى النفس وشهوتها ، فإذا شاهد المذكور لا الذكر لها القلب عما سواه ولم يشاهد شيئا غير مولاه ، وصار الشيطان أسيرا من أسرائه ، ألا ترى أن العبد إذا سها في قراءته ، وذكر ربه عزّ وجلّ ، فهو يسكن قلبه إلى أدنى حظ من حظوظ النفس ، حتى يجد العدو عليه سبيلا . وقد قال الحسن : الوسواس وسواسان ، أحدهما من النفس والآخر من الشيطان ، فما كان من ذلك إلحاحا فهو من النفس يستعان عليها بالصيام والصلاة والأدب ، وما كان من ذلك نبذا فهو من الشيطان يستعان عليها بالقرآن والذكر .
[ سورة الحج ( 22 ) : آية 54 ]
[ سورة الحج ( 22 ) : آية 54 ] ولِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّه الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِه فَتُخْبِتَ لَه قُلُوبُهُمْ وإِنَّ اللَّه لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ( 54 ) قوله : فَيُؤْمِنُوا بِه فَتُخْبِتَ لَه قُلُوبُهُمْ [ 54 ] قال : صدق الإيمان وحقيقته يورث الإخبات في القلب ، وهو الرقة والخشية والخشوع في القلب وطول التفكر وطول الصمت ، وهذا من نتائج الإيمان ، لأن اللَّه تعالى يقول : فَيُؤْمِنُوا بِه فَتُخْبِتَ لَه قُلُوبُهُمْ [ 54 ] ، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم .