وقد كان عدد كبير من الأشخاص يعيشون على هذه الاختلافات والتعصبات ، فلما قام عثمان بجمع القرآن سحب البساط من تحت أقدامهم بضربة فنية ، فأسقط في أيديهم ، وفقدوا مكانتهم وجمهورهم ! لقد صارت قراءتهم مثل غيرها وصاروا هم مثل غيرهم . . وانتهى عهد الأحرف السبعة الذي بدأه الخليفة عمر ، وصار على الجميع أن يقرؤوا بحرف واحد هو حرف الخليفة عثمان في المصحف الإمام ! ! لهذا ارتفعت اعتراضات زعماء الأحرف السبعة أو الأحرف العشرين وجمهورهم ، وكان سلاحهم ضد الخليفة عثمان وضد حذيفة ، هو الأحرف السبعة التي سلحهم بها عمر ! ! وكان الجواب المنطقي للدولة أن تقول لهم : إن الخليفة عمر أخطأ في طرح الأحرف السبعة ، فهذا الواقع الخطير الذي نعانيه إنما هو ثمرتها ، ولو تركناه بلا معالجة جذرية لاختلفت الأمة في كتابها إلى فرق ومذاهب متناحرة إلى يوم القيامة ! ولكن الناس بسياسة الخليفة عمر ، وقد سجلوا نقاط ضعف على سياسة الخليفة عثمان . . لم تسمح له بتخطئة عمر ، بل كان يرى نفسه محتاجا لإثبات ( الشرعية ) لأعماله بالاحتجاج بأعمال عمر وأقواله ! ! لهذا نراه يحتج على المعترضين ، أو لا : بأن عمر كان ينوي توحيد القرآن . وثانيا ، بأنه كتب مصحفه الإمام عن نسخة الخليفة عمر أو الصحف التي عند بنته حفصة ! لذلك يجب أن ننظر إلى جميع الروايات التي تقول إنهم نسخوا المصحف الإمام عن صحف حفصة بأنها كلام سياسي للدفاع عن الخليفة عثمان ، وليس بالضرورة أن يكون هو الذي حصل ! وكذلك كثير من دفاعات الخليفة عثمان عن نفسه فيما خالف فيه عمر ، كما يظهر للمتتبع ! قال ابن شبة في تاريخ المدينة ج 3 ص 1136 : ( حدثنا علي بن محمد ، عن يزيد بن عياض ، عن الوليد ابن سعيد ، عن عروة بن الزبير قال : قدم المصريون فلقوا عثمان رضي الله عنه فقال : ما الذي تنقمون ؟ قالوا :