نام کتاب : بحوث في تاريخ القرآن وعلومه نویسنده : السيد مير محمدي زرندي جلد : 1 صفحه : 212
ولا يبتدئون فيها القتال ، وكذلك في الحرم . وإنما أباح الله تعالى للنبي ( صلى الله عليه وآله ) قتال أهل مكة عام الفتح ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : إن الله أحلها لي في هذه الساعة ، ولم يحلها لأحد من بعدي إلى يوم القيامة [1] . ثم إن التأمل في هذه الآية يعطي أنها محكمة غير منسوخة ، فإنها قررت تحريم القتال في الشهر الحرام ، حين ورد فيها قوله تعالى " قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله " ولكن لو كان القتال جزاء لما هو أعظم وأشد منه لم يكن فيه بأس . ويستفاد من الآية أنها وقعت عن سؤال حول قضية حدثت آنذاك ، ولعلها هي ما في تفسير البرهان في بيان هذه الآية : عن علي بن إبراهيم : أنه كان سبب نزولها أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما هاجر إلى المدينة بعث السرايا إلى الطرقات التي تدخل مكة ، يتعرض بعير قريش ، حتى بعث عبد الله بن جحش في نفر من الصحابة إلى النخلة - إلى أن قال : - وقد نزلت العير وفيهم عمرو بن عبد الله الحضرمي ، وكان حليفا لعتبة بن ربيعة ، فقال ابن الحضرمي : هؤلاء قوم عباد ليس علينا منهم بأس ، فلما اطمأنوا ووضعوا السلاح حمل عليهم عبد الله بن جحش فقتل ابن الحضرمي وقتل أصحابه ، وأخذوا العير بما فيها وساقوها إلى المدينة . فكان ذلك أول يوم من رجب من أشهر الحرم ، فعزلوا العير وما كان عليها ، ولم ينالوا منها شيئا . فكتبت قريش إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنك استحللت الشهر الحرام ، وسفكت فيه الدم ، وأخذت المال . وكثر القول في هذا ، وجاء أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فقالوا : يا رسول الله ، أيحل القتل في الشهر الحرام ؟ فأنزل الله " يسألونك عن الشهر الحرام " الآية . فتحصل : أن القتال الذي وقع في الشهر الحرام بإذن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لا يدل على نسخ حرمة القتال فيه ، لأنه إنما كان جزاء لما هو أعظم وأشد . هذا بالإضافة إلى أن صدر الآية - وهو قوله : " قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به . . . الخ " - يأبى عن النسخ ، إذ كيف ينسخ أمر كبير فيه صد وكفر ؟ !