صفة لغضب ( ذلك بأنهم ) ذلك مبتدأ ، وبأنهم ( كانوا يكفرون ) الخبر ، والتقدير : ذلك الغضب مستحق بكفرهم ( النبيين ) أصل النبي الهمزة ، لأنه من النبأ ، وهو الخبر ، لأنه يخبر عن الله ، لكنه خفف بأن قلبت الهمزة ياء ، ثم أدغمت الياء الزائدة فيها ، وقيل من لم يهمز أخذه من النبوة وهو الارتفاع ، لأن رتبة النبي ارتفعت عن رتب سائر الخلق ، وقيل النبي الطريق ، فالمبلغ عن الله طريق الخلق إلى الله وطريقه إلى الخلق ، وقد قرئ بالهمز على الأصل ( بغير الحق ) في موضع نصب على الحال من الضمير في يقتلون ، والتقدير : يقتلونهم مبطلين ، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف تقديره قتلا بغير الحق ، وعلى كلا الوجهين هو توكيد ( عصوا ) أصله عصيوا ، فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة تدل عليها ، والواو هنا تدغم في الواو التي بعدها لأنها مفتوح ما قبلها ، فلم يكن فيها مد يمنع من الإدغام ، وله في القرآن نظائر كقوله " فقد اهتدوا وإن تولوا " فإن انضم ما قبل هذه الواو نحو : آمنوا وعملوا لم يجز إدغامها ، لأن الواو المضموم ما قبلها يطول مدها فيجرى مجرى الحاجز بين الحرفين .
قوله تعالى ( والصابئين ) يقرأ بالهمز على الأصل ، وهو من صبأ يصبأ إذا مال ويقرأ بغير همز وذلك على قلب الهمزة ألفا في صبا ، وعلى قلبها ياء في صابئ ، ولما قلبها ياء حذفها من أجل ياء الجمع . والألف في هادوا منقلبة عن واو ، لأنه من هاد يهود إذا تاب ، ومنه قوله تعالى " إنا هدنا إليك " ويقال هو من الهوادة ، وهو الخضوع ، ويقال أصلها ياء ، من هاد يهيد ، إذا تحرك ( من آمن ) من هنا شرطية في موضع مبتدإ ، والخبر آمن ، والجواب ( فلهم أجرهم ) والجملة خبر إن الذين ، والعائد محذوف تقديره : من آمن منهم ، ويجوز أن يكون من بمعنى الذي غير جازمة ، ويكون بدلا من اسم إن ، والعائد محذوف أيضا ، وخبر إن " فلهم أجرهم " وقد حمل على لفظ من آمن وعمل ، فوجد الضمير وحمل على معناها " فلهم أجرهم " فجمع وأجرهم مبتدأ ، ولهم خبره ، وعند الأخفش أن أجرهم مرفوع بالجار و ( عند ) ظرف ، والعامل فيه معنى الاستقرار ، ويجوز أن يكون عند في موضع الحال من الأجر تقديره . فلهم أجرهم عند ( ربهم ) والأجر في الأصل مصدر يقال : أجره الله يأجره أجرا ، ويكون بمعنى المفعول به لأن الأجر هو الشئ الذي يجازى به المطيع فهو مأجور به .