أو نصارى " أي قالت اليهود كونوا هودا ، وقالت النصارى كونوا نصارى ، ولا يجوز عند أكثر البصريين أن تحمل " أو " على الواو ، ولا على بل ما وجدن ذلك مندوحة والكاف في موضع رفع عطفا على الكاف في قوله " كمثل الذي " ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف تقديره : أو مثلهم كمثل صيب ، وفى الكلام حذف تقديره :
أو كأصحاب صيب ، وإلى هذا المحذوف يرجع الضمير من قوله يجعلون ، والمعنى على ذلك ، لأن تشبيه المنافقين بقوم أصابهم مطر فيه ظلمة ورعد وبرق لا بنفس المطر ، وأصل صيب : صيوب على فيعل ، فأبدلت الواو ياء وأدغمت الأولى فيها ، ومثله :
مين وهين ، وقال الكوفيون : أصله صويب على فعيل ، وهو خطأ ، لأنه لو كان كذلك لصحت الواو كما صحت في طويل وعويل ( من السماء ) في موضع نصب " ومن " متعلقة بصيب ، لأن التقدير : كمطر صيب من السماء ، وهذا الوصف يعمل عمل الفعل ، ومن لابتداء الغاية ، ويجوز أن يكون في موضع جر على الصفة لصيب فيتعلق من بمحذوف : أي كصيب كائن من السماء ، والهمزة في السماء بدل من واو قلبت همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة ، ونظائره تقاس عليه ( فيه ظلمات ) الهاء تعود على صيب ، وظلمات رفع بالجار والمجرور لأنه قد قوى بكونه صفة لصيب ، ويجوز أن يكون ظلمات مبتدأ وفيه خبر مقدم ، وفيه على هذا ضمير ، والجملة في موضع جر صفة لصيب ، والجمهور على ضم اللام ، وقد قرئ بإسكانها تخفيفا ، وفيه لغة أخرى بفتح اللام ، والرعد مصدر رعد يرعد ، والبرق مصدر أيضا ، وهما على ذلك موحدتان هنا ، ويجوز أن يكون الرعد والبرق بمعنى الراعد والبارق كقولهم :
رجل عدل وصوم ( يجعلون ) يجوز أن يكون في موضع جر صفة لأصحاب صيب ، وأن يكون مستأنفا ، وقيل يجوز أن يكون حالا من الهاء في فيه ، والراجع على الهاء محذوف تقديره من صواعقه وهو بعيد ، لأن حذف الراجع على ذي الحال كحذفها من خبر المبتدأ ، وسيبويه يعده من الشذوذ ( من الصواعق ) أي من صوت الصواعق ( حذر الموت ) مفعول له ، وقيل مصدر : أي يحذرون حذرا مثل حذر الموت ، والمصدر هنا مضاف إلى المفعول به ( محيط ) أصله محوط لأنه من حاط يحوط فنقلت كسرة الواو إلى الحاء فانقلبت ياء .
قوله تعالى ( يكاد ) فعل يدل على مقاربة وقوع الفعل بعدها ، ولذلك لم تدخل عليه أن لأن أن تخلص الفعل للاستقبال وعينها واو ، والأصل : يكود ، مثل خاف يخاف ، وقد سمع فيه ، كدت بضم الكاف ، وإذا دخل عليها حرف نفى دل على أن الفعل الذي بعدها وقع ، وإذا لم يكن حرف نفى لم يكن الفعل بعدها واقعا ، ولكنه