قوله تعالى ( وبكفرهم ) معطوف على وبكفرهم الأول ، و ( بهتانا ) مصدر يعمل فيه القول لأنه ضرب منه ، فهو كقولهم : قعد القرفصاء ، فهو على هذا بمثابة القول في الانتصاب ، وقال قوم تقديره : قولا بهتانا ، وقيل التقدير : بهتوا بهتانا ، وقيل هو مصدر في موضع الحال : مباهتين .
قوله تعالى ( وقولهم إنا قتلنا ) هو معطوف على وكفرهم ، و ( عيسى ) بدل أو عطف بيان من المسيح ، و ( رسول الله ) كذلك ، ويجوز أن يكون رسول الله صفة لعيسى ، وأن يكون على إضمار أعنى ( لفي شك منه ) منه في موضع جر صفة لشك ، ولا يجوز أن يتعلق بشك ، وإنما المعنى : لفي شك حادث منه : أي من جهته ، ولا يقال : شككت منه ، فإن ادعى أن من بمعنى في فليس بمستقيم عندنا ( مالهم به من علم ) يجوز أن يكون موضع الجملة المنفية جرا صفة مؤكدة لشك تقديره : لفي شك منه غير علم ، ويجوز أن تكون مستأنفة ومن زائدة . وفى موضع من علم وجهان : أحدهما هو رفع بالابتداء وما قبله الخبر ، وفيه وجهان : أحدهما هو به ولهم فضلة مبينة مخصصة كالتي في قوله " ولم يكن له كفوا أحد " فعلى هذا يتعلق به الاستقرار ، والثاني أن لهم هو الخبر ، وفي به على هذا عدة أوجه : أحدها أن يكون حالا من الضمير المستكن في الخبر ، والعامل فيه الاستقرار .
والثاني أن يكون حالا من العلم لأن من زائدة فلم تمنع من تقديم الحال ، على أن كثيرا من البصريين يجيز تقديم حال المجرور عليه . والثالث أنه على التبيين : أي مالهم أعنى به ، ولا يتعلق بنفس علم لأن معمول المصدر لا يتقدم عليه . والوجه الآخر أن يكون موضع من علم رفعا بأنه فاعل ، والعامل فيه الظرف إما لهم أو به ( إلا اتباع الظن ) استثناء من غير الجنس ( وما قتلوه ) الهاء ضمير عيسى ، وقيل ضمير العلم : أي وما قتلوا العلم يقينا كما يقال قتلته علما ، و ( يقينا ) صفة مصدر محذوف : أي قتلا يقينا أو علما يقينا ، ويجوز أن يكون مصدرا من غير لفظ الفعل بل من معناه ، لأن معنى ما قتلوه ما عملوا ، وقيل التقدير : تيقنوا ذلك يقينا ( بل رفعه الله ) الجيد إدغام اللام في الراء لأن مخرجهما واحد ، وفى الراء تكرير فهي أقوى من اللام ، وليس كذلك الراء إذا تقدمت لأن إدغامها يذهب التكرير الذي فيها ، وقد قرئ بالإظهار هنا .
قوله تعالى ( وإن من أهل الكتاب ) إن بمعنى " ما " والجار والمجرور في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ ، والمبتدأ محذوف تقديره : وما من أهل الكتاب أحد ، وقيل المحذوف من : وقد مر نظيره ، إلا أن تقدير من هاهنا بعيد لأن الاستثناء يكون بعد