صار يصوره ويصيره إذا أماله ، فعلى هذا تتعلق إلى بالفعل ، وفى الكلام محذوف تقديره : أملهن إليك ثم قطعهن . والمعنى الثاني أن يصوره ويصيره بمعنى يقطعه ، فعلى هذا في الكلام محذوف يتعلق به إلى : أي فقطعهن بعد أن تميلهن إليك ، والأجود عندي أن تكون إليك حالا من المفعول المضمر تقديره فقطعهن مقربة إليك أو ممالة ونحو ذلك ، ويقرأ بضم الصاد وتشديد الراء ، ثم منهم من يضمها ، ومنهم من يفتحها ، ومنهم من يكسرها مثل مدهن ، فالضم على الاتباع ، والفتح للتخفيف ، والكسر على أصل التقاء الساكنين ، والمعنى في الجميع من صره يصره إذا جمعه ( منهن ) في موضع نصب على الحال من ( جزءا ) وأصله صفة للنكرة قدم عليها فصار حالا ، ويجوز أن يكون مفعولا لاجعل ، وفى الجزء لغتان : ضم الزاي ، وتسكينها ، وقد قرئ بهما ، وفيه لغة ثالثة كسر الجيم ، ولم أعلم أحدا قرأ به ، وقرئ بتشديد الزاي من غير همزة . والوجه فيه أنه نوى الوقف عليه ، فحذف الهمزة بعد أن ألقى حركتها على الزاي ثم شدد الزاي ، كما تقول في الوقف : هذا فرح ، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف ، و ( يأتينك ) جواب الأمر و ( سعيا ) مصدر في موضع الحال : أي ساعيات ، ويجوز أن يكون مصدرا مؤكدا ، لأن السعي والإتيان متقاربان ، فكأنه قال : يأتينك إتيانا .
قوله تعالى ( مثل الذين ينفقون أموالهم ) في الكلام حذف مضاف تقديره : مثل إنفاق الذين ينفقون ، أو مثل نفقة الذين ينفقون ، ومثل مبتدأ ، و ( كمثل حبة ) خبره ، وإنما قدر المحذوف لأن الذين ينفقون لا يشبهون بالحبة :
بل إنفاقهم أو نفقتهم ( أنبتت سبع سنابل ) الجملة في موضع جر صفة لحبة ( في كل سنبلة مائة حبة ) ابتداء وخبر في موضع جر صفة لسنا بل ، ويجوز أن يرفع مائة حبة بالجار ، لأنه قد اعتمد لما وقع صفة ، ويجوز أن تكون الجملة صفة لسبع كقولك : رأيت سبعة رجال أحرار وأحرارا ، ويقرأ في الشاذ مائة بالنصب بدلا من سبع ، أو بفعل محذوف تقديره : أخرجت . والنون في سنبلة زائدة ، وأصله من أسبل ، وقيل هي أصل ، والأصل في مائة مئية ، يقال : أمأت الدراهم إذا صارت مائة ثم حذفت اللام تخفيفا كما حذفت لام يد .
قوله تعالى ( الذين ينفقون أموالهم ) مبتدأ ، والخبر ( لهم أجرهم ) ولام الأذى ياء ، يقال : أذى ياذى أذى مثل نصب ينصب نصبا .