من الثانية تتعلق باقتتل ، والضمير الأول يرجع إلى الرسل ، والضمير في جاءتهم يرجع إلى الأمم ( ولكن ) استدراك لما دل الكلام عليه ، لأن اقتتالهم كان عن اختلافهم . ثم بين الاختلاف بقوله ( فمنهم من آمن ومنهم من كفر ) والتقدير فاقتتلوا ( ولكن الله يفعل ما يريد ) استدراك على المعنى أيضا ، لأن المعنى : ولو شاء الله لمنعهم ، ولكن الله يفعل ما يريد ، وقد أراد أن لا يمنعهم ، أو أراد اختلافهم واقتتالهم .
قوله تعالى ( أنفقوا ) مفعول محذوف : أي شيئا ( مما ) و " ما " بمعنى الذي ، والعائد محذوف : أي رزقناكموه ( لا بيع فيه ) في موضع رفع صفة ليوم ( ولا خلة ) أي فيه ( ولا شفاعة ) أي فيه ، ويقرأ بالرفع والتنوين ، وقد مضى تعليله في قوله " فلا رفث " .
قوله تعالى ( الله لا إله إلا هو ) مبتدأ وخبر ، وقد ذكرنا موضع هو في قوله " وإلهكم إله واحد " ( الحي القيوم ) يجوز أن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف : أي هو ، وأن يكون مبتدأ والخبر لا تأخذه ، وأن يكون بدلا من هو ، وأن يكون بدلا من لا إله ، والقيوم فيعول من قام يقوم ، فلما اجتمعت الواو والياء وسبقت الأولى بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمتا ، ولا يجوز أن يكون فعولا من هذا ، لأنه لو كان كذلك لكان قووما بالواو ، لأن العين المضاعفة أبدا من جنس العين الأصلية مثل : سبوح وقدوس ، ومثل : ضراب وقتال ، فالزائد من جنس العين ، فلما جاءت الياء دل أنه فيعول ، ويقرأ القيم على فيعل ، مثل سيد وميت ، ويقرأ القيام على فيعال ، مثل بيطار ، وقد قرئ في الشاذ القائم مثل قوله " قائما بالقسط " وقرئ في الشاذ أيضا " الحي القيوم " بالنصب على إضمار أعنى ، وعين الحي ولامه ياءان ، وله موضع يشبع القول فيه ( لا تأخذه ) يجوز أن يكون مستأنفا ، ويجوز أن يكون له موضع ، وفى ذلك وجوه : أحدها أن يكون خبرا آخر لله أو خبرا للحى ، ويجوز أن يكون في موضع الحال من الضمير في القيوم :
أي يقوم بأمر الخلق غير غافل . وأصل السنة وسنة ، والفعل منه وسن يسن ، مثل وعد يعد ، فلما حذفت الواو في الفعل حذفت في المصدر ( ولا نوم ) لا زائدة للتوكيد ، وفائدتها أنها لو حذفت لاحتمل الكلام أن يكون لا تأخذه سنة ولا نوم في حال واحدة ، فإذا قال ولا نوم نفاهما على كل حال ( له ما في السماوات ) يجوز أن يكون خبرا آخر لما تقدم ، وأن يكون مستأنفا ( من ذا الذي ) قد ذكر