ويتبسمون لطرائف لم يلتفت إليها الآخرون ، وهم بذلك يحيدون عن العرف الاجتماعي فيوصمون بالجنون .
ولذلك فان وصم الطبقة الحاكمة - على مر التاريخ - للأنبياء والرسل ( ع ) بالاضطراب العقلي كان من أهم الأساليب التي استخدمت لربط الجنون بالانحراف ، وبالنتيجة إبعاد الافراد عن الايمان بالعقائد التي حملها الرسل والأنبياء ( ع ) إليهم . وقد ورد إلى ما يشير إلى ذلك في الكتاب المجيد : ( وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون ) [1] ، ( ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ) [2] ، ( ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون ) [3] ، ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون ) [4] .
ولكن الجنون الحقيقي ما هو الا وليد الحاجة الانسانية التي لم يشبعها النظام الاجتماعي . فالفقر هو من أهم عوامل نشوء الاضطراب العقل في المجتمعات التي تحكمها أنظمة ظالمة . والفقر ليس حاجة مادية فحسب ، بل حاجة نفسية أيضاً ؛ لأنه يمس كرامة الانسان ، ويحط من قدره ، ويشعره بظلم النظام الاجتماعي . وهذه العوامل مجتمعة تساهم في رسم شكل الانحراف وتحدد مسيرته .
ولا شك ان من مصلحة النظام السياسي الظالم وصم الفقراء بالاضطرابات العقلية ؛ لأن في ذلك عزلاً لهم عن الساحة السياسية ،