الغيب والشهادة ، فلا ريب أن تكون أولى مهماتهم دعوة الافراد إلى الايمان بما وراء العالم المحسوس وهو عالم الغيب : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو . . . ) [1] ، ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول ) [2] ، ( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ) [3] . وقد دعانا القرآن إلى الايمان بالغيب عن طريق الوحي فقط ، لأن العقل ، وإن كان مرشداً إلى أمور الغيب ، الا انه ليس كاشفاً عنها . فالذي لا يدرك بالحس يعتمد وجوب الايمان به عن طريق الوحي مباشرة ، وعن طريق العقل بواسطة . فقد أخبرنا الوحي بوجود الله سبحانه ، ووجود الملائكة والجن ، والمعاد والحساب يوم القيامة ؛ إلا أنه ليس هناك من دليل أعظم من الدليل العقلي في اثبات وجود الصانع . ولا شك ان الايمان بالغيب يستوجب حتمية البعث والنشر بعد الموت : ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) [4] ، أو كما قال أمير المؤمنين ( ع ) : ( عجبت لمن أنكر النشأة الأخرى ، وهو يرى النشأة الأولى ) . فالقرآن يؤكد على إن الحياة الانسانية لا تفنى بموت الانسان في الدنيا ، بل انها خالدة خلود الأبد : ( قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ) [5] .
وعلى صعيد التضامن والتآخي الاجتماعي ، فان القرآن يقوم بتوحيد المؤمنين على محور العبودية لله ، ويجمعهم تحت راية العقيدة المشتركة