للانسانية المعذبة نظاماً يعالج فيه مختلف زوايا الانحراف ، ويحلل من خلاله - بكل دقة - دوافع الجريمة في المجتمع الانساني ، ويشرع - على ضوء ذلك - أحكاماً صارمة لقلع منشأ الانحراف من جذوره النابتة في عمق النفس البشرية ؛ لأن الخالق عز وجل أدرى بتلك النفس الانسانية التي صممها وأنشأها : ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ) [1] . فمن أجل مكافحة الجريمة وتعويض الضحية ، صنف النظام الاسلامي العقوبات إلى قسمين ؛ هما : العقوبات الأدبية والعقوبات المادية . فالعقوبات الأدبية تشمل جانبين أيضاً ؛ وهما : الأول : الحدود ، وهي العقوبات المقدرة في الكتاب والسنة ؛ بمعنى ان الشارع لم يسمح للقاضي الشرعي التصرف في أمر تقديرها ، كالقصاص في جرائم القتل والقطع والجرح ، كما أشار قوله تعالى إلى ذلك : ( ولكم في القصاص حياةٌ يا أولي الألباب ) [2] ، وعقوبات الزنا ، واللواط ، والسحاق ، والقيادة ، والقذف ، والسرقة ، والسكر ، والارتداد ، وقطع الطريق . والثاني :
التعزيرات ؛ وهي العقوبات التي فوض أمر تقديرها وتحديدها لنظر الحاكم الشرعي ، فيعاقب عليها بما يراه مناسباً ، كعقوبة التزوير والغيبة ونحوها .
والعقوبات المادية : هي الديات ، أو المال الواجب دفعه بسبب الجناية على النفس أو ما دونها : ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً ، ومن يقتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ، ودية مسلمةٌ إلى أهله إلا أن