ولا شك ان فكرة مجلس الشورى أو الحل والعقد نابعة من مفهوم ان للأمة الحق في توكيل من تشاء للتعبير عن رأيها في إدارة شؤون الدولة ؛ فيكون للوكلاء نفس الحقوق التي يملكها موكلوهم . ولما كان التوكيل عملاً شرعياً في المعاملات التجارية والاقتصادية والعقود والايقاعات ، كما ذكرنا ذلك سابقاً ، فإنه يصح في المعاملات السياسية أيضاً لاطلاق أدلة الوكالة وعدم تقييدها بحقل معين من التوكيل . وقد ورد في سيرة الرسول ( ص ) انه قال للمسلمين في بيعة العقبة الثانية : ( اخرجوا لي منكم اثنى عشر نقيباً ) فاختار القوم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس . فكان هؤلاء النقباء وكلاء وممثلي أقوامهم عند الرسول ( ص ) ودولته الفتية . وقد ورد من مصادر علماء أهل الحديث ان الرسول ( ص ) خصص في المدينة أربعة عشر رجلاً ، سبعة عن الأنصار وسبعة عن المهاجرين كانوا نقباء أقوامهم وجماعاتهم ، فكان يرجع إليهم في الأمور الاستشارية التخصصية العرفية . ولو صح ذلك ، لتبين ان رسول الله ( ص ) كان يدرب الأمة على فكرة ( أهل الحل والعقد ) التي لا تعبر الا عن التوكيل والشورى في الأمور التخصصية .
خامساً : إن الأمة هي التي تقوم بانتخاب رئيس الجهاز التنفيذي الذي ينبغي أن يكون مؤهلاً وجامعاً للشرائط الدينية التي تساعده على أداء دوره الخطير في تنفيذ سياسة الدولة ضمن إطار القواعد الشرعية . فقد ورد في كتب السيرة ان النساء بايعنه ( ص ) بعد بيعة الرضوان في الحديبية ، كما يشير النص الشريف إلى ذلك : ( يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين