فالمدرسة التوفيقية أهملت تماماً ضوابط العدالة الاجتماعية ، أي ضمان الحد الأدنى للأجور التي تضمن معيشة كريمة لكل العاملين في المجتمع على اختلاف اختصاصاتهم المهنية ودرجة نفعهم الاجتماعي . ولا شك ان انعدام العدالة الاجتماعية لا يؤدي إلى ثبات واستقرار النظام الاجتماعي ، بل يؤدي إلى اختلال الموازين الأساسية في اشباع حاجات الافراد وتمتعهم بالثروات الاجتماعية .
اما النظرية الاسلامية فقد نادت بالعدالة الاجتماعية ، لا من باب عدالة الأجر والمكافأة الاجتماعية التي أمضاها الشارع فحسب ، بل من باب عدالة توزيع الثروة الاجتماعية . فزيادة الثروة في المجتمع ، لم تكن بالضرورة عاملاً من عوامل نشر الظلم والحرمان الاجتماعي ، كما ترى المدرسة الغربية التلفيقية التي وعدت بانتخاب محاسن المدرستين التوفيقية والماركسية [1] ؛ لأن العدالة الاجتماعية ترتبط في الأصل بنظام يساهم في توزيع عادل للثروة ، ولا ترتبط بالزيادة المالية نفسها .
وهناك شواهد تاريخية عديدة تؤكد صدق هذا الرأي ، كما ورد في كتب التاريخ عن رجوع الصدقات إلى بيت المال في صدر الاسلام ، لأن الثروة المالية انتشرت عن طريق التوزيع بين عدد كبير من الافراد ولم تتكدس بأيدي جماعة محدودة العدد . وليس غريباً أن نرى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( ع ) يأبى الا أن يرجع الأموال التي منحها الخليفة الثالث لأقربائه وخاصته ، قائلاً بشأن ذلك : ( والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الإماء لرددته ، فإن في