سبحانه العلماء العارفون بأسرار الكون والحياة والخلق ؛ لأن الجاهل بأسرار الكون والخلق جاهل بعظمة الخالق . والسر في ذلك ان العلم بطبيعة المخلوقات يستوجب علماً بطبيعة الخالق ، وقد جاء في النص المجيد ما يشير إلى ذلك : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) [1] .
ولكي يدرك العقل ويستوعب المعارف والمعلومات التي ينتفع بها ، فلا بد للفرد من الاجتهاد في تنمية قوة ادراك ذلك الجهاز العظيم لمفاهيم الخير والشر ، والتمييز بينهما عن طريق علوم الطبيعة والدين والأخلاق وما يتعلق بهما من معارف وغايات .
فحينما يحاول العقل انشاء العلوم النافعة للانسان في حياته العملية ، فإنه يستخدم طاقته الجبارة لانشاء نظرية معاشية تدله على تعلم العلوم التطبيقية كي تدر عليه شتى أنواع المنافع ، وتيسر له سبل العيش الانساني الكريم ، كعلوم الزراعة والصناعة والطب والهندسة والفضاء . ولا شك ان ترجمة الأفكار التي ينشئها العقل ويحاول تطويرها وتنميتها لا بد أن تتم عن طريق خاص يشترك في فهمه وممارسته جميع الافراد في النظام الاجتماعي ، الا وهو النطق .
فيتميز تحصيل العقل وترجمة الأفكار التي يحملها بالنطق ؛ فالانسان كيان ناطق ، وهذا النطق الذي يمثل رمز التفاهم بين الناس يميز هذا الكائن المفكر عن غيره من العجماوات . وبطبيعة الحال ، فان علوم اللغة وما يتفرع عنها من معارف وحقول ، تمثل قابلية العقل على ترجمة الأفكار الخافية إلى رموز مسموعة تستفيد منها الانسانية في تعاملها الاجتماعي جيلاً بعد جيل .