إنّ هذا النصّ يعني أنَّهُ يتوجّب التقيد المطلق بصيغة الفعل في السياق القرآني لأنَّه أحدُ مقاصد القائل جل جلاله ، ولأنّه جزءٌ من النظام القرآني العام . فالفعلُ يحمل زمانه في ذاته ولا يجوز لأحدٍ تغيير هذا الزمان بحيث يقدّر الماضي على أنَّهُ يفيد الحاضر أو العكس . فلا تقديرَ لأحدٍ في ذلك الزمان .
مثال ذلك قول المفسِّرين في قوله تعالى : * ( كَانَ في المَهْدِ صَبيَا ) * ( مريم 29 ) حيث قالوا : التقدير ( يكون في المهد ) . ويعِدُّ المنهج هذا التقدير تحريفاً ويتمكّن من تفنيده كما سيأتيك في موضعه .
وأمَّا قول النصّ عن وجوب التقيد بالترابط بين الفعل وموضوعه فيُقصدُ به أشياء كثيرة بحسب الأفعال منها :
إن الفعل إذا كان بالماضي والحدث لم يقع بعد ، فهناك إذنْ انتقال سابق ، وإنْ لم يُلتفتْ إليه لكنه موجودٌ .
وللمنهج رأيٌّ في أداة الاستقبال ( إذا ) ، فهو يرى أنها ناقلةٌ للذهن إلى الزمن المستقبل بتقديمٍ يسيرٍ أو بزمنٍ مرافقٍ للحدث ، وعندئذٍ تكون الأفعال بالماضي والحاضر واقعةً في زمنها الحقيقي . فهذا تقيّدٌ بالزمان .
ومنها أن الفعل مفردةٌ تحتوي ضمناً على حركةٍ معيّنةٍ ، وليس هناك فعلٌ يشبه فعلاً آخرَ في تلك الحركة . مثله في ذلك مثل الكائنات الحية ، فهي مختلفةٌ جداً وإنْ تشابهت ظاهراً . وكشف هذه الحركة يتم عند التقيّد بالروابط بين الفعل وموضوعه . وهذا تقيّدٌ بالمعنى الذي يتضمّنه الفعل . وكلّما التزم الباحث بهذه القيود انكشفت أمامه سبل المعرفة . . على عكس ما يتوهّمه المتوهّم .
وهذا مثال من التطبيق الجزئي :
قوله تعالى : * ( ولا تحسبنّ الذينَ قُتلوا في سبيلِ الله أمواتاً بل أحياءٌ عندَ ربّهم يُرزَقون ) * ( آل عمران 169 ) يتقيّد المنهج بدلالة ( لا تحْسَبنَّ ) من حيث المعنى والزمان ، ولا يأذن لنفسه أن يتصوّر هذا الفعل بشكلٍ مغايرٍ ولو بصورةٍ ذهنيةٍ مؤقتةٍ سريعةٍ .
فالصورة الذهنية عند الجميع إن الذين قتلوا في سبيل الله ( ماتوا ) - بعض