( العرض ) هو المقياس الذي يقابل ( الطول ) !
لأَنَّ قوله تعالى ( وجنّة عرضها السماوات والأرض ) يقصد به على رأيهم أنَّ مقياس عرضها الذي يقابل الطول هو السماوات الأرض ! !
وإذا كان القصد كما يقولون ، إذن فأرضية الجنّة هي السماوات والأرض فكيف قالوا أنَّ الجنّة خارج الأرض ؟ ؟ .
وعلاوةً على ذلك يحصل من قولهم إشكالٌ آخرٌ لا حلَّ له مطلقاً ، إذ رُبَّ سائلٌ يسأل : إذا كانت السماوات والأرض هي عرض الجنّة ، فكم طولها ؟ وهل الطول خارج النظام الكوني ممتدٌّ في ( العدم ) ؟ ! .
إنَّ مفردة ( العرض ) في المنهج لها معنىً آخر يطابق الاستعمال القرآني في جميع المواضع ، ويكشف أسرار هذه الآيات يأتي في موضعه بإذن الله تعالى .
إنَّ القرآن الكريم قد أشار إلى الكون الواسع ( السماوات والأرض ) بمختلف الصور ، وفي ما يقرب من ثلاثمائة مرّةٍ ، وهو عددٌ كبيرٌ . وعليه فإنَّ هناك علاقةٌ بين الخلق على الأرض وبين الكون الواسع . فمصير الإنسان وغاياته وحياته المستقبلية مرتبطٌ بالنظام الكوني . ولو كان هو منفصلاً عن هذا النظام لَمَا أشار إليه القرآن بهذا العدد الكبير من الموارد رابطاً فيها بين هذا النظام ، وبين مصير الإنسان ومعتقداته وأرزاقه وموته وحياته ، فاستعرض أخي القارئ تلك الموارد لترى بنفسِكَ هذه العلاقة .
ولكن إذا يكون مصير الإنسان هو ( الجنة أو النار ) بعد إلغاء الكون الواسع على رأي العلماء ، فهذا يعني بالضرورة أنَّ العلاقةَ مفقودةٌ ، فيكون خلق الكون وتأكيد القرآن عليه كلاهما زائدٌ . إذ لا ضرورة لهذا الكون المترامي الأطراف والبحار العميقة والفضاءات السحيقة والنجوم المتعدّدة . وهي أبعادٌ لا يقدر الإنسان على الوصول إليها لملايين السنين ولو امتلك سرعة الضوء التي يمثّل امتلاكها محالاً عملياً . ففي هذه الحالة لا ترتبط فكرة إثبات قدرته تعالى على البعث بفكرة ووجود الكون الواسع ، إذ يكفي لإثبات ذلك أي جزء من عمليات الإماتة والإحياء المتكرّرة يومياً في الكائنات الأرضية ، علاوةً على نشأة الإنسان الأولى . ولا تنفعه المساحات الشاسعة التي لن يدركها قط لمثل هذا الإثبات .
ومعنى ذلك أنَّ المفسِّرين قد فصموا بهذا التصوّر عرى العلاقة بين وجود الإنسان والكون الواسع التي أكّد عليها القران ، ثمَّ أُسقِطَ في أيديهم فلا يقدروا