ولمَّا كان الله يحاسبُ الجميع ويلقي الحجّة على الجميع ، فالقرآن يؤكِّد أنَّ الاختلاف لم يحصلْ قط نتيجة ( الجهل ) أو ( عدم التوضيح ) أو ( الإبهام ) ، بل حدث دائماً بعد حصول المعرفة والتوضيح ، والموارد التالية تبيّن ذلك :
- * ( فَمَ اختَلَفوا فيهِ إلاَّ مِن بعدِ مَا جَاءهُم العِلمُ ) * ( الجاثية 17 ) - * ( وَلا تَكُونوا كالَّذينَ تفرَّقوا وَاختَلَفوا مِن بعدِ مَا جاءهمُ البيِّنات ) * ( آل عمران 105 ) - * ( وَمَا اختَلَفَ الَّذينَ أُوتُوا الكتَابَ إلاَّ من بَعدِ مَا جَاءهمُ العِلمُ ) * ( آل عمران 19 ) - * ( وَمَا اختَلَفَ فيهِ إلاَّ الَّذين أُوتوهُ مِن بَعدِ مَا جاءتهُمُ البَيِّنَات ) * ( البقرة 213 ) فلماذا حدث الاختلاف إذن إذا كان كلُّ شيءٍ واضحاً وبيِّناً ؟
يُجيبُ القرآن على هذا السؤال بقوله تعالى :
* ( وَمَا اختَلَفَ الَّذينَ أُوتُوا الكتَابَ إلاَّ من بَعدِ مَا جَاءهمُ العِلمُ بَغيَاً بَينَهم ) * ( آل عمران 19 ) * ( وَمَا اختَلَفَ فيهِ إلاَّ الَّذين أُوتوهُ مِن بَعدِ مَا جاءتهُمُ البَيِّنَات بَغيَاً بَينَهم ) * ( البقرة 213 ) والآن نجمع نتائج الآيات جمعاً هندسياً بنظام القرآن :
الأول : لاحظ أداة الحصر ( ما اختلف فيه إلاَّ الذين أوتوه ) . أي أنَّ الذين لم يؤتوه لم يختلفوا .
الثاني : ما اختلفوا إلاَّ بعد مجيء البينات والعلم ، إذن لم يكونوا جاهلين به ! .
الثالث : لماذا اختلفوا ؟ . . . لأنَّهم بغوا .
الرابع : هل هم جميعاً بغاةٌ ؟ . . . نعم لأنَّه قال : * ( وَلا تَكُونوا كالَّذينَ تفرَّقوا وَاختَلَفوا ) * .
الخامس : هل يعني أنَّ المؤمنين حقّاً لا يختلفون في الكتاب ؟ . نعم . . المؤمنون لا يختلفون في الكتاب .
والآن . .
ما هو موضع الذين اختلفوا ؟
الجواب : أهل شقاقٍ ونفاقٍ :
* ( وَإنَّ الَّذينَ اختَلَفوا فِي