responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النظام القرآني نویسنده : عالم سبيط النيلي    جلد : 1  صفحه : 203


مثل هذه العصا في الزمن الماضي إلى حدٍّ لا يجوز عقلاً تكذيبهم جميعاً . ولكن في حياة موسى ( ع ) لا يجوز ولا يصحّ مطلقاً مثل هذا الدليل ، لأنَّ العصا موجودةٌ وقادرةٌ على إثبات نفسها كونها معجزةً .
وعليه فإنَّ كلام الله والذي هو بين أيدينا اليوم لا يصحّ إثبات إعجازه عن طريق التواتر ، بل يجب البحث عن إعجازه الحقيقي على أساس كونه معجزاً بنفسه وغير محتاج إلى دليلٍ خارجي .
لقد وضع العلماء القرآن في موقفٍ هو غير موقفه ، وجعلوه في مكانةٍ هي غير مكانته . وكان ذلك ببدعة التواتر ، لأنَّه إذا كان لا يثبت نفسه إلاَّ عن طريق ( الرجال ) ، فهو إذن أعجز عن إثبات حقائق أخرى خارجة عنه . وإذن فالاختلاف فيه ، والابتعاد عن روحه ، هو أمرٌ محتومٌ يحتِّمه المنهج العقائدي والفكري المناقض أصلاً للقرآن ، والذي اتَّخذه المسلمون سبيلاً للتعامل مع كتاب الله .
إنَّ المعجزةَ لا تحتاج إلى دليلٍ لأنَّها هي الدليل على نفسها وعلى غيرها . وهذه الإشكالية في المنطق واضحةٌ كلّ الوضوح ، وليست أعقد من الجمل المركّبة لمنطق الأصوليين . فإنَّك بمجرّد أن تُخبر المشكّك أنَّ دليلك على أنَّ هذا القرآن هو كلام الله وأنَّه معجزةٌ هو أنَّ الرواة قد رووه لنا بتواترٍ . . فإنَّه يحقُّ لمشكّك وقبل أن تتمَّ العبارة أن يقول لك : قف ! فإنَّ المعجزة لا تحتاج إلى دليلٍ إذ أنَّها هي الدليل على الأمر المختلف فيه .
لذا فإنَّ التواتر يعطي للخصم ( دليلاً ) على أنَّه ليس معجزةً ، بخلاف ما أراد العلماء إثباته .
إنَّ المشكّك يدرك جيداً حينما تخبره أنَّ القرآن متواترٌ . . يدرك أنّنا نشاركه في الشكّ ، وأنّنا نرجّح نسبته إلى الله ترجيحاً لا مبرّر له سوى إيماننا بالتواتر والذي هو نقيض الإعجاز . . وسيذهب من مجلسنا وهو يشعر بصحّة مدّعاه مردداً فيما بينه وبين نفسه : هؤلاء جميعاً هم مثلي في الشكّ إلاَّ أننّي أفوقهم في شيئين : المنطق الصحيح والشجاعة ! .
إنَّ المنهج اللفظي يقلب الأمر رأساً على عقبٍ ، لأنَّه يخبر المشكّك أنَّ الدليل أنَّه كلام الله ليس هو التواتر ، بل الدليل على ذلك هو القرآن نفسه في نظامه الداخلي المحكم . فإعجازُهُ ليس كإعجاز عصا موسى ( ع ) ، بل هو كلامٌ

نام کتاب : النظام القرآني نویسنده : عالم سبيط النيلي    جلد : 1  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست