كلامه تعالى مع كلام العرب في قواعده وتراكيبه وأنّه لا يشذّ عن كلامهم بشيء .
من أجل ذلك فإنَّ مشكلة الإعجاز القرآني لا حلَّ لها إلى الآن . وهي المشكلة التي تتمثّل في أمرين هما :
الأمر الأول : ما هو الدليل على إعجازه إذا كان بنفس الأساليب العربية ؟
الأمر الثاني : إذا سُلِّمَ بأنّه معجزٌ ، فما هو التفسير لهذا الإعجاز ؟
وإزاء العجز عن الإجابة عن هذه التساؤلات وُضعَت نظريةٌ مضحكةٌ مفادها أنَّ القرآن ليس بمعجزٍ على الحقيقة ، وإنَّما يقوم الله تعالى ( بصرف ) مَنْ يُحاول أن يأتيَّ بمثله بالقوّة القاهرة ، وسُمِّيت تلك النظرية ب ( الصرفة ) ! . وقد نكمّل الحديث عنها وأشباهها في موضعه بإذن الله تعالى .
القاعدة الرابعة قاعدة زيادة ( من ) بشروط وضَعَها النحاةُ . . وحاول الزركشي نقضَها فذهب نقضه هباءً ، في حين أيّدها الأخفش ، وأمّا سيبويه فقد أسقط أحد الشروط . ثمَّ أجمعوا على أنّها تُزاد ولو بشرطٍ واحدٍ .
الشاهد القرآني : قوله تعالى :
* ( يُحلّونَ فيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ ) * ( فاطر 33 - الكهف 31 ، - الحج 23 ) والشاهد هنا هو ( مِنْ ) الأولى . ونتيجةً لذلك فقد انتشرت في جميع كتب التفسير زيادة ( مِن ) وفي عشرات الآيات القرآنية .
إنَّ المنهج اللفظي يُعلن أنَّ هذا الإجماع من النحاة قد حصل في واحدةٍ من أكثر القضايا المسقَّطة على القرآن ومعانيه خطأ وخطورةً . إذ أكّد المنهج أنَّ الزيادة النحوية . . إنّما مصدرها الزيادة في فهم المعنى بحيث أنَّ إزالتها من الآية لا يضرُّ بالأصل ، وهنا تكمن الخطورة .
ولو رأيتَ كيفَ يتصدّى المنهج لهذه البدعة اللغوية لعلمتَ أنَّ تلك الحروف الزائدة على زعمهم هي من معجزات القرآن ، وصرامة ألفاظه ، وأواصر إحكامه ، وأنَّ إزالتها من السياق لا تخلّ بالمعنى فقط ، بل وتهدّم العقائد القرآنية فضلاً عن زوال نظامه الهندسي المحكم .