قال سعيد بن المسيب : الاية منسوخة بقوله « فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ » « 1 » وعندنا أنها مخصوصة بتلك ان نزلا معا ، وان كانت تلك متأخرة ، فالأمر على ما قال سعيد بن المسيب : انها منسوخة ، لان عندنا لا تجب المتعة الا للتي لم يدخل بها ولم يسم لها مهرا إذا طلقها ، فأما إذا دخل بها فلها مهر مثلها ان لم يسم مهرا ، وان سمي لها مهرا فما سمى لها ، وان لم يدخل بها فان فرض لها مهرا كان لها نصف مهرها ولا متعة لها في الحالين ، فلا بد من تخصيص هذه الاية .
والمتعة في الموضع الذي يجب على قدر الرجل بظاهر الاية ، لأنه قال و « عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُه وعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُه » .
وانما خص المتاع بالمتقين وان كان واجبا على الفاسقين ، تشريفا لهم بالذكر اختصاصا ، وجعل غيرهم على وجه التبع ، كما قال « هُدىً لِلْمُتَّقِينَ » « 2 » .
والعقل مجموع علوم ضرورية يميز بها بين القبيح والحسن ، ويمكن معها الاستدلال بالشاهد على الغائب .
فصل : قوله « مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّه قَرْضاً حَسَناً » الاية : 245 .
القرض : هو قطع جزء من المال بالإعطاء على أن يرد بدل منه .
وقوله « يُقْرِضُ اللَّه » مجاز في اللغة ، لان حقيقته أن يستعمل في الحاجة ، وفي هذا الموضع يستحيل ذلك ، فلذلك كان مجازا .
ومعنى « مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّه قَرْضاً حَسَناً » التلطف في الاستدعاء الى أعمال البر والإنفاق في سبيل الخير .
وجهلت اليهود لما نزلت هذه الاية ، فقالوا : اللَّه يستقرض منا ، فنحن أغنياء وهو فقير إلينا ، فأنزل اللَّه تعالى « لَقَدْ سَمِعَ اللَّه قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّه فَقِيرٌ ونَحْنُ