وقوله « وأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ » رفع « خير » لأنه خبر الابتداء « 1 » ، وتقديره :
وصومكم خير لكم كان هذا مع جواز الفدية . وأما بعد النسخ ، فلا يجوز أن يقال :
الصوم خير من الفدية مع أن الإفطار لا يجوز أصلا .
فصل : قوله « شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيه الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى والْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه ومَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ » الاية : 185 .
قال ابن دريد : الرمض شدة وقع الشمس على الرمل وغيره ، والأرض رمضاء ورمض يومنا رمضا إذا اشتد حره ، ورمضان من هذا اشتقاقه ، لأنهم سموا الشهور بالازمنة التي فيها ، فوافق رمضان أيام رمض الحر ، وقد جمعوا رمضان رمضانات .
قوله « أُنْزِلَ فِيه الْقُرْآنُ » قيل : في معناه قولان :
أحدهما : قال ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن : ان اللَّه تعالى أنزل جميع القرآن في ليلة القدر الى السماء الدنيا ، ثم أنزل على النبي عليه السّلام بعد ذلك نجوما ، وهو المروي عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام .
والثاني : أنه ابتدأ انزاله في ليلة القدر من شهر رمضان .
فان قيل : كيف يجوز انزاله كله في ليلة القدر وفيه الاخبار عما كان ولا يصلح ذلك قبل أن يكون .
قلنا : يجوز ذلك في مثل قوله تعالى « ونادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ » « 2 » اي : إذا كان يوم القيامة نادى أصحاب الجنة أصحاب النار .
قوله « فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه » قيل : في معناه قولان :
أحدهما : من شاهد منكم الشهر مقيما .