ذلك الايمان ؟ وهل ذلك إلا ضد قوله « فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا » « 1 » ؟
قلنا : ليس يجب أن يكون العذاب نزل بهم ، بل لا يمتنع أن يكون ظهرت لهم دلائله وان لم يروا العذاب ، كما أن العليل المدنف قد يستدرك التوبة ، فيقبل اللَّه توبته قبل أن يتحقق الموت ، فإذا تحققه لم يقبل بعد ذلك توبته .
فصل : قوله « وما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه » الاية : 100 .
معناه : أنه لا يمكن أحدا أن يؤمن الا بإطلاق اللَّه له في الايمان وتمكينه منه ودعائه اليه بما خلق فيه من العقل الموجب لذلك . وقال الحسن وأبو علي الجبائي : اذنه هنا أمره . وقيل : معناه وما كان لنفس أن يؤمن الا بعلم اللَّه .
وأصل الاذن الإطلاق في الفعل . وأما الاقدار على الفعل فلا يسمى اذنا فيه ، لان النهي ينافي الإطلاق .
فصل : قوله « أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً » الاية : 105 .
قيل : في معنى الحنيف قولان : أحدهما - الاستقامة . وقيل للمائل القدم أحنف تفاؤلا .
الثاني : الميل . وقيل : الحنف في الدين ، لأنه ميل الى الحق .